"المساء".. بيتي الأول منذ أكثر من خمسين عاما وبالتحديد في الأول من يونيو 1967 وما قبله عشت فيها كل عمري. شاهدت كل الأحداث الرياضية التي جرت قبل النكسة وبعدها والحمد لله حتي الآن. تاريخ الرياضة في جريدة "المساء" حافل بالأحداث والحكايات منذ تولي الإشراف علي القسم الرياضي الناقد الرياضي الكبير المرحوم عبدالمجيد نعمان في سنتها الأولي إلي أن انتقل للزميلة "الأخبار" ليتولي بعده الراحل الكبير حمدي النحاس الذي صنع للرياضة جماهير وثراء بعد القفزة الصحفية التي أحدثها في الوسط الرياضي بعناوينه السجية والتي كان قراء "المساء" يحتفظون بها ويعلقونها في منازلهم ومحلاتهم ويحفظونها عن ظهر قلب أمثال: "يا خرابي يا عرابي" الذي أحدث دويًا في الوسط الكروي عندما استطاع لاعب الاتحاد السكندري صد خمس ركلات جزاء لفريقه فاز بكأس مصر بالإضافة لمجموعة من العناوين الرياضية المشجعة التي مازال يحتفظ بها جماهير الرياضة عن ظهر قلب منها عندما انهزم الأهلي من الأولمبي بعد أن قدم عرضا جيدا ليخرج عنوان "المساء" ب "لو.. لو.. لو.. الأهلي واكل الجو". وعندما بزغ مهاجمه عبدالعزيز عبدالشافي وتلاعب بمنافسه ليخرج عنوان النحاس "عايز تغيظه هاتلوا زيزو" ثم بعد تكرار فوز الأهلي علي الزمالك لتكتب "المساء" "كالعادة الزمالك شربها سادة" وقس علي ذلك من بعد عودة الدورة عقب نكسة .67 مباريات كلاي شغلت مباريات محمد علي كلاي الملاكم العالمي جماهير الرياضة بنتائجه الطيبة واستمرار فوزه علي كل منافسيه خاصة بعد رفض الاشتراك في هروب فيتنام وإعلان إسلامه.. كانت "المساء" الوحيدة التي تخرج بنتائج مباريات بعناوين جذابة مثل "كلاي العملاق.. كلاي الأسطورة.. كلاي الجبار". كانت "المساء" تنفرد بنتيجة تلك اللقاءات التي تقام بأمريكا ولذلك قصص فريدة حيث كان المرحوم حمدي النحاس والعبد لله نسهر في الجريدة حتي فجر اليوم التالي وعندما يغلبه النوم نستريح علي المكاتب انتظارا لدقات التكر "وكالات الأنباء" تعلن النتيجة لتخرج بها "المساء" منفردة والتي كانت أغلبها لصالح المسلم كلاي. أكبر المساحات كانت مساحة الرياضة في الصحف المصرية خلال الستينيات لا تزيد علي عدد واحد وسط إحدي الصفحات المحلية إلي أن صدرت "المساء" وتجرأ الكابتن نعمان وجعلها صفحة كاملة.. وعندما تولي النحاس قيادة القسم الرياضي زادت عدد الصفحات لتصل إلي صفحتين ثم ثلاث وأكثر من ذلك أمام مباريات الفرق الكبري مثل الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والاتحاد السكندري والمحلة وهي الفرق ذات الشعبية الجارفة الخبطة التالية في إصدار ملحق رياضي أسبوعي كل يوم جمعة من 8 صفحات "تابلويد" يعني نصف صفحة بالجريدة تنعم بكل الأحداث وأحدث الصور واللقاءات والانفراد بالأخبار لتكون "المساء" هي أول جريدة تصدر ملحقا رياضيا. بداية الانطلاق ومع بداية الثمانينيات وصدور الزميلة "الكورة والملاعب" وتفرغ حمدي النحاس لها وتولي الأستاذ سمير رجب رئاسة تحرير "المساء" عام 1971 كانت هناك طفرة جبارة كان أولها فتح مجال السفر لأعضاء القسم الرياضي الذي كان يقوده المرحوم الزميل عبدالفضيل طه والعبدلله ومحمد مجاهد الذي رفض الانتقال للكورة ومجموعة أخري واعدة مثل الزملاء جمال أبوبيه وطارق مراد وعلي عبدالهادي مع مجموعة أخري من العاملين من الخارج حيث كان الزميل سامي عبدالفتاح يعمل في الكويت وكان أشهرهم من سلامة وصلاح زكي ومروان صالح انطلق "المساء" بسرعة الصاروخ وزادت صفحات الرياضة في "المساء" لتصل لبعض الأحيان إلي ثماني وعشر صفحات أيام لقاءات القمة بين الأهلي والزمالك ومع مجموعة الكوماندور في القسم الرياضي إلي أن تم تعيين وتثبيت زملاء أصبح لهم الآن شأن في الوسط الرياضي أمثال ياسر قاسم وسامي راغب وإبراهيم كمال وخالد العشري وياسر الشقيري وكمال سعد وإبراهيم حمودة وجمال البدراوي ومحمد فريد. ثم كانت الخبطة الجديدة ل "المساء" هي المهرجان السنوي لاختيار أحسن لاعب الذي كان ينتظرها عشاق الرياضة في مصر بعد أن تحولت من كرة القدم بكل عناصرها أحسن حارس ومهاجم ومدرب وجماهير إلي رياض الأنشطة الرياضية وكان حفل توزيع الجوائز الذي يقام بصالة "المساء" يحضره كل المسئولين عن الرياضة ووزراء ورؤساء أندية وأجهزة فنية وإدارية وكان دائما يصبح يوما مشهودا تغلق فيه منطقة وسط البلد في عرابي وعماد الدين والجمهورية وطلعت حرب حتي ميدان التحرير. والجميل انه لم تكن الجوائز مادية ولكنها عينية يقدم فيها كل رجال الإعمال منتجاتهم بداية من البيض حتي الأثاث من غرف النوم والسفرة والصالون. كادت حفل مسابقة 89 أن يلغي عندما كان مخصصا لتكريم منتخب كرة القدم المسافر لكأس العالم 90 بإيطاليا عندما فوجئ الجميع بحادث أليم لنجم الفريق الكابتن هشام عبدالرسول وكان العبد لله مشرفا علي الحفل وإصرار الجهاز الفني للمنتخب علي عدم الحضور وتأجيل الحفل إلا أن اتصالا ساخنا من الأستاذ سمير رجب للدكتور عبدالأحد جمال الدين بضرورة حضور المنتخب مع تكريم خاص للكابتن المصاب في المستشفي وتم كل ذلك وأقيم حفل وعملت مع زميلي عبدالفضيل ومحمد مجاهد باقات الزهور وهديته التي كانت معدة له إلي المستشفي وقدمناها له.. وعلي فكرة نفس الموقف مع الكابتن محمود الخطيب والكابتن علي أبوجريشة وقدمت لهما هديتهما في المستشفي.