كل عام وأنتم بخير جميعاً.. في مثل هذا اليوم تهفو النفس للوقوف بعرفات ركن الحج الأعظم وهو خير يوم طلعت عليه الشمس.. اللهم تقبل من الواقفين بعرفات حجهم واقبل دعاءهم وأكمل لهم مناسكهم علي خير واكتبها في العام القادم لكل مشتاق لحج بيت الله الحرام وزيارة مدينة رسوله الحبيب.. ويوم عرفات كما عشته منذ عامين هو يوم الميلاد الجديد للإنسان فيه تشعر بحالة روحانية من الصعب وصفها ومع نهايته تحلق بالفعل في السماء.. فلست وحدك من تتعبد وتسجد وتتضرع إلي الله.. فمع ملايين البشر حولك ستجد ان المكان كله بكل ما فيه يتعبد الشجر والحجر والمرتفعات والسهول والهواء والشمس والسماء والأرض.. يوم من العمر لا يتكرر إلا في هذا المكان والنفس تهفو وتشتاق ومعها كل الحق. بعد هذه المقدمة التي ألحت عليّ انتقل إلي موضوع المقال وهو مرتبط بها.. فمنذ مدة طويلة وأنا أريد أن أكتب عن البرامج الدينية في القنوات الفضائية لكن الأحداث المتلاحقة كانت تفرض نفسها وتؤجل الفكرة.. فأنا من المتابعين لمعظم هذه البرامج ولا أقصد القنوات الدينية البحتة لكن القنوات التي تقدم برامج متنوعة منها البرامج الدينية.. هذه البرامج تلعب بالفعل دورا واضحا في التوعية بأصول الدين الإسلامي وهي توعية كانت مفتقدة وتعكس ذلك مداخلات وأسئلة المشاهدين خاصة في موسم الحج حيث تكثف هذه البرامج جهودها علي شرح المناسك. من هذه البرامج فهمنا كل مناسك الحج وعرفنا الأركان والواجبات والسنن.. عرفنا ذلك بأسلوب مبسط ودون ألفاظ وعبارات معقدة.. والأهم الدور الذي تقوم به في شحن الوجدان بجمال كل منسك علي حدة بشرح مستفيض لمعني الاحرام والطواف والسعي وفضل يوم عرفة وكيفية التعبد في مزدلفة وهي المشعر الحرام المذكور في القرآن وأيام مني وكيفية رمي الجمرات ووقتها.. أيضاً بيان الأخطاء التي قد يقع فيها الحاج وبعضها قد يجعل الحج غير صحيح ويستوجب إعادة وبعضها يستوجب جبره بدم أو إطعام مساكين الحرم أو الصيام. الفضل في ذلك لعدد من المشايخ الأساتذة من حملة الدكتوراة أخذوا علي عاتقهم التوعية التي تراعي ان معظم مشاهديهم من البسطاء فاستطاعوا بالفعل الوصول إليهم والأهم التواصل معهم.. مداخلات المشاهدين تعكس شوقهم لفهم دينهم وردود الشيوخ تعكس فهما صحيحا للدين ورغبة حقيقية في توصيل المفاهيم الوسيطة لديننا الحنيف وبث المعاني والأخلاق الفاضلة.. مداخلات المشاهدين تعكس أيضاً أمراضاً اجتماعية متفشية في مجتمعنا مثل مشاكل رؤية الأطفال في حالات الطلاق وحرمان المرأة من الميراث وأحياناً عقوق الأبناء وسهولة الطلاق والاستهانة برابطة الزوجية التي وصفها الله سبحانه وتعالي بالميثاق الغليظ. هذه البرامج قدمت مدرسة جديدة للتوعية الدينية بديلاً عن المدرسة القديمة التي كانت تعتمد علي أحد الشيوخ وهو يقرأ كلاما منقولا من الكتب كما هو وبنفس لغته التي قد لا يفهمها الكثيرون فلم تكن جاذبة ولا هادفة لأنها كانت بلا رسالة لكن فقط من أجل التواجد علي خريطة البرامج.. لذلك أجدني مدينة بالشكر لهذه البرامج والقائمين عليها ولشيوخنا الأفاضل الذين يقومون بدور افتقدناه كثيراً.. يأتي في المقدمة علي جمعة وسالم عبدالجليل ورمضان عبدالمعز ونادية عمارة وغيرهم.. جازاهم الله خيراً عما يقدمونه. يا رب بحق أفضل يوم طلعت عليه الشمس أكمل لحجاج بيتك الحرام حجهم علي خير ويسر لهم مناسكهم واستجب يارب لكل من رفع يديه إليك متضرعا بدعاء. آمين يا رب العالمين.