بعد أن اختار الحق سبحانه وتعالي سيدنا موسي ليكون رسولاً إلي فرعون وقومه "إنك بالوادي المقدس طوي. وأنا اخترتك فاستمع لما يوحي" وبعد أن أراه الله الآيات الكبري من العصا وغيرها من الآيات التي ستكون برهانا له عند القوم الضالين من آل فرعون "ولقد آتينا موسي تسع آيات بينات فاسأل بني اسرائيل إذ جاءهم" سورة الإسراء. هذه البراهين استمع اليها سيدنا موسي بكل انصات وامعان ثم بعد كل ذلك طلب من ربه عدة مطالب لتكون قوة له في مواجهة فرعون وقومه. في مقدمة هذه المطالب "قال رب اشرح لي صدري. ويسري أمري. واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. ثم مضي يطلب أن يرسل معه أخاه هارون مؤازرا في هذه المهمة الصعبة. ثم اردف سيدنا موسي يقول في ختام هذه المطالب "كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا انك كنت بنا بصيرا" سورة طه وحين نطق موسي بهذه المطالب استمع إليها ربنا لكن حينما ختم موسي هذه المطالب بقوله: كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا. قال له ربه في التو واللحظة "أأنت تمن علي ياموسي" ورغم أن الحق قد استجاب لهذه الطلبات إلا أنه أخذ يعدد لموسي نعمه ومآثرها عليه. بمعني انني صاحب الفضل عليك فلا حاجة لي في منك وتسبيحك فأنا الذي حفظتك وسط أمواج البحر المتلاطمة. وجعلت المحبة هي الوسيلة الجاذبة للناس اليك. ثم أخذ يذكر موسي بتلك الأفضال منذ ولادته وحتي صار رجلا أتاه علما وحكما وحين تصرف بأسلوب لا يليق مع الرجل الذي تشاجر مع واحد من اتباعه غفر الله له. وأن نعمي عليك يا موسي بلا حصر. فلا أنا في حاجة الي تسبيحك أنت وأخوك. عليك ان تتذكر هذه النعم التي جعلتها لك خصيصا فأنا الصانع واتابع خطواتك بعيني منذ ولادتك فكيف تمن علي بالتسابيح والذكر. لكن ومع ذلك لابد أن تمضي في طريق المهمة التي كلفتك بها إلي فرعون وقومه. هذا الرد من جانب الله سبحانه وتعالي علي سيدنا موسي انما هو تذكير لكل البشر وليس لموسي وحده فالله عز وجل هو الذي خلق وهو الذي رعي في بطن الأم حين كان الانسان نطفة.. ثم علقة. ثم بعد أن اكتمل أخرج للحياة مزودا بالسمع والبصر. كما أنه صاحب الفضل في رعاية كل البشر "ياأيها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خقلك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك" العباد كلهم مغمورون في نعم الله وأفضاله فلا يحق لأي كائن من كان أن يمن علي الله بذكره وتسبيحه لله. إذ الحق تبارك وتعالي ليس في حاجة إلي ذلك فهو الغني القادر. هذه الآيات بلا شك تجعل كل انسان يدوام علي شكر الله سبحانه ويتأمل في نفسه والنعم التي يتمتع بها في هذه الحياة "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" هذا التذكير ليس لموسي وحده وانما لكل البشر ولكي يدرك الجميع ان الله غني عن العالمين. ولو كان العالم كله علي أتقي قلب رجل في هذه الحياة فلن يزيد ذلك في ملك الله أي شيء وكذلك لو كان العصيان من كل البشر فعلي المرء أن يتذكر هذه النعم. وينطلق لسانه بالشكر لله سبحانه بكل التواضع والذل والانكسار. ويرجو من الله قبول هذه الاعمال. فهو الذي خلق ورزق وهيأ الأرض وكل ما في الكون. فلا أقل من أن يدرك المرء هذه الحقائق وأنه مهما قدم من صنوف الطاعات فلن يستطيع ايفاء قيمة أي نعمة من هذه النعم. سبحانك ربي بيدك الملك وأنت علي كل شيء قدير. نسألك التوفيق والهداية والانصياع لاوامرك وشكرك.