هل هناك مؤشرات إشعاعية علي مصر؟.. رئيس الرقابة النووية يجيب    محافظ القاهرة: أعلى قيمة لساعة انتظار السيارات 10 جنيهات    رئيس جامعة القاهرة: ارتقينا 23 مركزًا عالميًا بفضل استراتيجيات البحث العلمي    إعفاء إدارة مدرسة ببنى سويف بعد رسوب جماعى لطلاب الشهادة الإعدادية.. والتحقيق مع مدير الإدارة    موعد التقديم وسن القبول في رياض الأطفال وأولى ابتدائي بالأزهر 2025    شيخ الأزهر لوفد طلابي من جامعتي جورج واشنطن والأمريكيَّة بالقاهرة: العلم بلا إطار أخلاقي خطر على الإنسانية.. وما يحدث في غزة فضح الصَّمت العالمي    ترحيل إجازة 30 يونيو 2025.. قرار رسمي بالتفاصيل    باستثمارات 200 مليون دولار.. «جمال الدين»يشهد وضع حجر أساس مجمع إنتاج مستلزمات الطاقة الشمسية بالسخنة    تخصيص قطع أراضي لإقامة وتوفيق أوضاع 4 مدارس بمحافظة الوادي الجديد    إقبال على 15 مركزا تكنولوجيا لتلقى طلبات التصالح بكفر الشيخ    البورصة: تنفيذ صفقة خاصة على أسهم شركة يو للتمويل الاستهلاكى    وزير الرى: اتخاذ كافة الإجراءات لتوفير المناسيب والتصرفات المائية لمحطة شرب السويس    الخميس 26 يونيو إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية    وزير قطاع الأعمال: بدء إنتاج سيارات الملاكي بشركة النصر قريباً    جهاز القاهرة الجديدة: إتاحة 20 معاملة إلكترونية عبر بوابة خدمات المواطنين    بوتين يؤكد لنظيره الصيني استعداد روسيا للوساطة بين إيران وإسرائيل    الأهلي يتفوق على تشيلسي والإنتر قبل مواجهة بالميراس في مونديال الأندية    الكرملين: دخول الولايات المتحدة في الصراع الإسرائيلي الإيراني بالغ الخطورة    إسرائيل: قصفنا مفاعل آراك ومواقع نووية في بوشهر وأصفهان ونطنز    خوفًا من مفاجآت المنافس.. ريبيرو يناقش مع معاونيه السيناريوهات البديلة في مباراة بالميراس    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الأهلي وبالميراس    "مبنقفش على حد".. مدرب الزمالك السابق يطلق تصريحات قوية: قادمون    ضبط 2 طن دقيق بلدى مدعم و تحرير 150 مخالفة تموينية فى الإسماعيلية    دفاع نجل محمد رمضان: تم إنهاء إجراءات التصالح وفى انتظار صدور القرار    قيادات شمال سيناء الأزهرية تتابع امتحانات الثانوية وتكرم المتفوقين    «نهشته الحيوانات المفترسة».. ضبط 3 سيدات بتهمة إلقاء رضيع وسط الزراعات في قنا    ضبط 7 قضايا مخدرات وتنفيذ 818 حكمًا قضائيًا خلال حملات أمنية بأسوان ودمياط    «منخفض الهند الموسمي» | ظاهرة جوية تلهب ثلاث قارات وتؤثر على المناخ    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة في مجال مكافحة جرائم السرقة    بالصور- توقف مفاجئ لقطار بكفر الشيخ بسبب عطل فني    وفاة والدة سارة وفيق مخرجة فيلم ريستارت    أيتن عامر وأحمد الجنايني يكشفان حقيقة أنباء زواجهما    الليلة.. فرقة موط تعرضحجر القلب بالمهرجان الختامي فرق الأقاليم المسرحية    الدموع تغلب ماجد المصري في حفل زفاف ابنته | صور    وزير الثقافة ينفي خصخصة قصور الثقافة    بعد تداول أنباء ارتباطهما.. 10 صور تجمع أحمد مالك وهدى المفتي    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    الصحة: تطوير مصانع الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات "ڤاكسيرا"    الصحة: الارتفاع غير المبرر بالولادات القيصرية يؤثر سلبًا على جهود الدولة    وزير الصحة يترأس الاجتماع الأول للمجلس الوطني للسياحة الصحية    تنسيق الجامعات.. كلية الاقتصاد المنزلي جامعة حلوان    الرزق ليس ما تملك..بل ما نجاك الله من فقده    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    محافظ الدقهلية يستقبل نائب وزير الصحة للطب الوقائي    نصائح مهمة للوقاية من أمراض الصيف.. وتحذير من الفاكهة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    خارجية أمريكا: نطالب جميع موظفى السفارة فى تل أبيب وأفراد عائلاتهم بتوخى الحذر    بونو يحصل على التقييم الأعلى في تعادل الهلال وريال مدريد    بطائرات الشبح.. ترامب يهدد بضرب منشأة فوردو النووية الإيرانية    بعد فشل القبة الإسرائيلية.. الدفاعات الأمريكية تعترض الموجة الإيرانية الأخيرة على إسرائيل    زيزو يوضح حقيقة الخلاف حول ركلة جزاء تريزيجيه    وسط تصاعد التوترات.. تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران    كوريا الشمالية تندد بالهجوم الإسرائيلي على إيران    ‌‌ ‌الحرس الثوري الإيراني: لن نمنح إسرائيل لحظة هدوء واحدة    ريبييرو: مواجهة بالميراس صعبة.. وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق الفوز    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [سورة الشعراء/ آية 62]
نشر في المصريون يوم 28 - 12 - 2010

تعيش هذه الأية معي منذ كنت في الثامنة من عمري و الحق أنني لا أعرف لماذا إرتبطُ بها طوال هذه السنوات. ربما لأنها تحمل هذا النوع من الإيمان الذي أحبه و أحترمه - إيمان القوة مع الخضوع لله عز و جل وربما لحبي لرسول الله موسى عليه صلاة الله و سلامه حباً أسأل الله أن يجزيني عنه خيراً. وقد نشأ حبي لرسول الله موسى بعد أن (صعب عليّ) لكثرة ما فعله معه قومه ففي هذه السن كنت أشعر بالحزن لتعرض النبي الكريم لسخافات قومه التي لا تنتهي.
كلاّ - هي الكلمة الأساس لهذا الحب لهذه الآية الشريفة فبها من القوة و الإعتداد و العزة و القدرة ما لا تستطيع الكلمات وصفه (بل كلماتي أنا - فاللغة العربية قادرة على أي وصف - كيف لا و قد حوت كلام ربنا عز وجل و لا أدري كيف يجرؤ قوم أن يجعلوا شعار مؤتمرهم "علشان تطمن على مستقبل أولادك" في تصرف لا أفهمه و لا أريد.*)
تتجلى القوة في أبدع صورها كونها (أي كَلاَّ) من حروف ثلاثة وسهلة النطق (و إن كانت صعبة إلا على الرجال الرجال) ثم حملها مع قلة حروفها لمعنى مقاطعة المتحدث (أو المتحدثين في حالة الأية الكريمة) بالنفي المطلق لما يقولوه و تأكيد تام لعكسه مع الإيمان الخالص بها. كلا - هي صيغة نفي لا ينطقها إلا رجل يستطيع الدفاع عنها سواءٌ بنفسه و شخصه أو بإعتماده على قوة ما و هي هنا قوة مطلقة القدرة من طريق إيمان مطلق ما به شك أو شبهة. هي لا تخرج إلا إذا كان قائلها واثق من نفسه ثقة لا تتزعزع بأنه قادر على دحض ما أمامها (أي أمام كلا.)
مناسبة الأية معروفة للجميع - لكن الأمر يختلف إذا ما أغمض المرء منا عينيه و تخيل موقفها. يهرب قوم من زعيم يدعي أن له مُلك البلاد و تحت يديه الجيش و قواته بكافتها تأتمر بأمره و تنتهي بنهيه ثم ها هو يهرع خلفهم بقضه و قضيضه و جنده و عبيده و ركبه و رجله بعد أن جمعهم من كل مكان حتى إن قوم موسى عليه السلام ليرون التراب الذي يثيروه الفرعون و جنوده و قد بدت طلائعهم و شاهد كل فريق منهم الأخر. يشعر أي إنسان في موقفهم هذا بما وصفوه هم حين قال عز من قائل (فلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [سورة الشعراء/ 61] نعم مدركون و هل هناك في هذا الكون من البشر من لن يتوصل إلى هذه النتيجة!؟ هل هناك من لن تنهار معنوياته و يقف منتظراً جز رأسه جزاً خاصة و هم محملون بأوزار من زينة القوم (حتى و هم يهربون يفكرون في الدنيا!)؟
نعم هناك رسول الله موسى الكليم الذي قال: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ - وكلمة (قال) هنا تؤكد أنها إنما إندفعت من فمه الشريف مباشرة عقب قولهم أنهم "مدركون" فالأية تبدأ بكلمة "قال" و ليس "فقال" و كما قلنا سابقاً في حديثنا عن سيدة النساء مريم عليها و على إبنها السلام يعني هذا أن كَلاَّ إنما أتت في نفس لحظة سماع سيدنا موسى لقولهم (إنا لمدركون). أية قوة هذه تلك التي تجعل نفي الحقيقة الوحيدة وقتها يندفع بلا أدنى إنتظار مثيراً القوة و الحماسة في نفوس السامعين!؟ الإجابة في نفس الأية إذ يقول سيدنا موسى عليه السلام (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) فهذا النفي ليس قائماً على عُجب بالنفس أو إعتماد على قدرات خاصة أو شخصية بل إنه أرجع الأمر كله للقادر القدير فسيدنا موسى ما شرع فيما شرع فيه من السير بقومه و ما بدأ دعوته اصلاً إلا بقول ربه له (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) [سورة طه/ أية 46] و من هذا الآية يتبدى لنا منطقية الجملة التي نطق بها سيدنا موسى في هذا الموقف (الذي ليس عصيباً بعد أن وضح لنا أن رب الموقف يسمع و يرى) بل إنها هي الحقيقة المنطقية الوحيدة ساعتها بعد أن ذهب الخوف إلى غير رجعة.
غير أنه و حتى مع هذه الحقيقة فإن النفس البشرية قد تزيغ و قد تراودها الشكوك (و هل هناك فرصة للشيطان أحسن من هذه!؟) و قد تظن بربها الظنون إلا أن سيدنا موسى ليس من هذه الفئة فهو مصنوع على عين الله سبحانه و تعالى و بالتالي فموقفه و كلماته في هذا الموقف متوقعة ومنطقية - بل سبحان الله لو لم يقلها في هذا الموقف لكان الأمر غير منطقي بالمرة - أي أن المنطقي في القصة صار غير منطقي و غير المنطقي في القصة صار منطقياً - لا بل ولا يصح سواه!
بقي قوله "سيهدين" وهو يعني أن سيدنا موسى لا ينتظر معجزة من السماء بل الأمر من ربه بفعل ينقذه من هذا الموقف. التفكير العقلي يقول أنه لابد من معجزة غير أن الدرس الذي تعلمناه من القرآن أن معجزات ربنا تأتي فعلاً غير أنها تتطلب منا أن لا نقف متفرجين بل أن نفعل (إلا معجزة نار سيدنا إبراهيم فهي مختلفة) فأي فائدة لضرب موسى عصاه البحر لينفلق و الله قادر على هذا دون ضربة العصا!؟ إنه يعلمنا أنه لابد أن نفعل مهما كان الفعل ضئيلاً من وجهة نظرنا - حتى لا يكون الأمر تواكلاً بل توكلا على الله (وهو أيضاً متسق مع قوله سبحانه: قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى.
ما حال أي فرد سوى سيدنا موسى حين يوحي إليه ربه أن إضرب بعصاك البحر؟ أي شيء تفعله هذه الضربة الضئيلة للبحر الهائج!؟ غير أن (كَلاَّ) التي في البداية تعني أن سيدنا موسى إنما سينفذ الأمر الإلهي موقناً أنه إنما سيهديه ربه لما فيه خيره و خير قومه والسين في (سيهدين) تعني أن سيدنا موسى لا يعرف ما سيحدث في اللحظة التالية - فأي إيمان و أي رسول!؟
و قد أتت الأحداث بعدها بدقائق (بل أقل) لتؤكد على كل هذا حين يضرب البحر بعصاه و يعبر هو وقومه ثم يغرق الفرعون أمام أعينهم في معجزة ما أظنها إلا إستغرقت - ولا يجب أن تستغرق إلا دقيقة أو بعض منها.
ربما لكل هذا لا تفارقني الآية الكريمة فعلى الرغم من قصرها فإن ما بها من المعاني إنما يحمل قضايا قد تملأ مناقشتها مجلدات و مجلدات و لنا مع بقيتها حديث أخر إن شاء الله.
*) الإنسلاخ عن الهوية العربية - وهل هناك هدف أخر!؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.