كان يجب علي الجماعة الإسلامية إدراك أن الإخوان الإرهابيين لن يستجيبوا إلي دعوتها باستلهام روح مبادرة "وقف العنف" التي تبنتها الجماعة ونجحت علي مدار 20 عامًا. كان يجب علي الجماعة الإسلامية أن تدرك جيدًا أن الإخوان لم يعد في أيديهم شيء آخر يخسرونه لكي يوقفوا إرهابهم: خسروا الحكم الذي خططوا له 84 عامًا وهبط عليهم في غفلة من الزمان بالترغيب والترهيب والخديعة وساعدهم علي ذلك تآمر قوي خارجية وداخلية.. وخسروا كثيرًا من المحبين لهم بعبط والمتعاطفين معهم بهبل بعد أن انكشف معدنهم الحقير والخسيس.. وخسروا ثقة "ماما أمريكا" فيهم وفي أنهم قادرون علي إسقاط مصر وتقسيمها إلي كانتونات طائفية لصالح إسرائيل.. وخسروا غالبية شعب مصر الذي يسقط منه كل يوم شباب في الجيش والشرطة بأيديهم وأيدي أعوانهم.. وقبل كل هذا خسروا أنفسهم وأضروا كل التيار الإسلامي الذي أصبح غالبية الناس تنظر إليه بريبة وقلق وكراهية.. كراهية في الإخوان. كان يجب علي الجماعة الإسلامية أن تدرك جيدًا أنه لكل هذه الحيثيات فإن الإخوان لم يكونوا ليستجيبوا إليهم ويوقفوا إرهابهم ويعلنوا أسفهم علي جرائمهم ويتعايشوا مع الأمر الواقع حتي لو لم يندمجوا في الحياة الإنسانية والسياسية بسرعة مثلما فعلت الجماعة الإسلامية. كان يجب علي الجماعة الإسلامية أن تدرك جيدًا أن الهيكل التنظيمي للإخوان وأهدافهم يختلفان بل يتناقضان مع الهيكل التنظيمي للجماعة وأهدافها.. لذا لم يكن غريبًا أو صادمًا أن يهاجم الإخوان دعوة الجماعة لهم بشراسة ويعتبرونها منطلقة من قاعدة أمنية. أقول للجماعة الإسلامية.. فضوها سيرة أرجوكم.. الإخوان لن ينصلح حالهم أبدًا.. انهم يحاربون معركتهم الأخيرة وقد اختاروا "الفناء".. فاتركوهم لمصيرهم المحتوم. لكني أتوقف هنا أمام عبارتين: * الأولي أطلقها أسامة حافظ رئيس مجلس شوري الجماعة الإسلامية حين قال "يجب أن نستلهم روح المبادرة ونجلس جميعًا علي مائدة واحدة فنراجع ونقوم ونضحي لانهاض الوطن من كبوته والأخذ بيده في طريق وحدة الصف والتغاضي عن أحقاد ما قد مضي لنعيد بناء الوطن". ** سؤالي: من يجلس مع من علي مائدة واحدة؟؟.. إذا كنت تقصد الدولة والإخوان فقد أخطأت التعبير والهدف لأن هذا لن يحدث أبدًا.. أما إذا كنت تقصد التيار الإسلامي ومعهم الإخوان الذين ليسوا تيارًا إسلاميًا بأي شكل فإن العبارة سليمة.. لكن أرجوك هنا ألا تتحدث معهم عن "الوطن" لأنهم لا يعترفون به ويعتبرونه "حفنة من تراب عفن"..!! * الثانية أطلقها ناجح إبراهيم المستقيل من مجلس شوري الجماعة الإسلامية بعد "25 زفت" حين قال "ان التيار الإسلامي مطالب بأن يدشن مبادرة جديدة أول عناصرها الإقرار بشرعية النظام.. وفي المقابل أن يفرج النظام عن كل من لم تتلوث يداه بالدماء وأن يفرق بين المعارضة والتيارات التكفيرية مثل أنصار بيت المقدس"..!!! ** تصرون علي أن تجلس الدولة مع الإخوان وهذا من رابع المستحيلات.. ومع ذلك فقد وضعت إقرار الإخوان بشرعية النظام في كفة والإفراج عمن لم تتلوث يداه بالدم في كفة.. وهذا خطأ جسيم.. فالنظام لن يزيده شرعية اعتراف الإخوان به ولم ينتقص من شرعيته عدم اعترافهم به بعد أن اخذ الشرعية ممن يملكها وهو الشعب ومن ثم فإن ما تتحدث عنه لا يعنينا في شيء.. أما الإفراج فإن معني كلامك أن يفرج عن الجواسيس والخونة والمحرضين علي القتل أمثال الأهطل مرسي وبديع والشاطر والبلتاجي وغيرهم.. فكل هؤلاء تخابروا مع قطر وحماس وحرضوا علي القتل.. وكلهم لم تتلوث أيديهم "شخصيًا" بالدم.. فكيف يفرج عنهم..؟؟ أقول للجميع.. تحدثوا مع بعضكم كما تشاءون.. لا دخل لكم بالدولة.. الشعب يرفض أي مصالحات أو جلسات مع الإخوان بأي سيناريو كان.. انسوا.