لا يختلف اثنان في أن جوائز الدولة هي ذروة ما يحصل عليه المبدع من تقدير. وعندما يحصل باحث علي جائزة الدولة عن أحد بحوثه. فالبديهي أنه قد اجتاز بهذا البحث امتحانات الترقي بالمؤسسة التي يتبعها مما حفزه للتقدم إلي جائزة الدولة. لكن حكاية الدكتور محمد محمود جمعة تعطينا مثلاً مناقضاً لكل التصورات يقول د.محمد: حين قدمت للجنة الترقي بالمركز القومي للبحوث الذي أتبعه رفضت اللجنة إدراج بعض المجلات العالمية التي نشرت بها أبحاثاً لي ضمن المجلات المعتمدة. والمدرجة علي أنها مجلات علمية عالمية في تخصصات أخري لزملائي ولي فيها أبحاث مشتركة معهم بعكس ما هو متبع في المركز وقد رفض مقرر اللجنة منفرداً إدراجها دون الرجوع لأعضائها وتقدمت للجنة بتسعة أبحاث أساسية بالإضافة إلي بحثين في النشاط منها أربعة أبحاث عالمية بمقاييس اللجنة التي وضعتها وبدون أي استثناء وهذه الأبحاث التسعة لم ينشر منها محلياً سوي بحث واحد علماً بأن زملاء لي أدرجت لهم هذه المجلات علي أنها عالمية.. فهل من العدل أن تكون مقالة محكمة عند زملائي وأنا المؤلف الأول لها وتحسب لهم مقالة عالمية وتحسب لي محلية بل وتلغي تماماً من قبل اللجنة هو ما يخالف فكرة التشجيع علي التعاون بين الأقسام فمجلتان من المجلات التي تم إلغاؤها لي حكمت لزميلي وحصل فيها علي درجة جيد جداً فهل هذا من العدل؟. المهم أني تقدمت ببعض الأبحاث المرفوضة من اللجنة للحصول علي جائزة الدولة في العلوم الجيولوجية لعام 2011 وحصلت علي الجائزة بالفعل وهو ما يثير سؤالاً حزيناً: كيف ترقي راسب في ترقية أستاذ مساعد في المركز القومي للبحوث وترفض له خمسة أبحاث ثم تحصل هذه الأبحاث علي جائزة الدولة؟! طبيعي أن يتحرك الباحث بعد حصوله علي جائزة الدولة للحصول علي حقه الضائع في الترقية وكما يقول فقد وجدت الوقت مناسباً لرفع الظلم وإنصاف العلم برد حقي الضائع لا أريد قضايا ولا أخذ ورد ولا تضييع الوقت بالنسبة للمركز ولي وإنما أريد أن يحصل كل المبدعين في مصر الثورة علي حقوقهم بعيداً عن المماطلة والتسويف وترقية بعض من لا يستحقون علي حساب من يستحقون وكل ما أرجوه أن تطلب رئاسة المركز من هيئة المحامين عدم تعمد إطالة زمن القضايا التي لم أكن أريدها. ومن الممكن أن تطلب منهم إظهار الأوراق التي أطلبها من خلال المحكمة وعدم إخفائها وعدم المماطلة في إرسالها للمحكمة ولعلي أذكر بالراحل العظيم جمال حمدان الذي حصل سارق لأبحاثه علي درجة الأستاذية من جامعة القاهرة بينما تعرض هو للاضطهاد والمصادرة حتي اضطر إلي تقديم استقالته لماذا نحرص علي تكرار مآسي حياتنا الثقافية؟! للعلم. فالباحث محمد محمود جمعة من مواليد 1966 وهو حاصل علي دكتوراه الفلسفة في العلوم من جامعة القاهرة عام 2004 بعنوان "دراسة الاستقطاب الحثي لبعض الصخور الحاملة للخامات". وقد شارك في العديد من المشروعات البحثية التطبيقية. وله الكثير من المقالات البحثية المنشورة في المجلات العالمية في مجالات الجيوفيزياء والجيولوجيا والسيراميك والزجاج والحراريات وشارك في مؤتمرات دولية وفي التحكيم الدولي لأكثر من 32 من المجلات العلمية العالمية المتخصصة. وانتدب للتدريس بجامعتي حلوان وعين شمس وأحد مؤسسي الجمعية المصرية للبتروفيزياء التطبيقية ومنظم ومعد للكثير من المؤتمرات والندوات العلمية. يبقي أن هذه المشكلة قد لا تكون في سياق اهتمامات "قضايا أدبية".. لكنها علي صلة وثيقة بالنظرة إلي الإبداع في بلادنا وهي نظرة إطارها طبيعية العمل الثقافي أياً كان فحواه قضية الإبداع واحدة بصرف النظر عن هوية ذلك الإبداع وما إذا كان علمياً أم فنياً أم أدبياً.. إنها لحظة حضارية متصلة أشبه بنظرية الأواني المستطرقة وما يحدث في قطاع ثقافي ينعكس بالضرورة علي بقية القطاعات وإذا كان العمل الثقافي يقوم علي تخصصات فإنه في عمومه كل لا يتجزأ. إن النظرة إليه والتعامل معه انعكاس لقيمة الإبداع والثقافة بعامة في حياتنا.