لأن إسهاماتها ومواهبها كانت متعددة فقد مثل رحيلها خسارة كبيرة لواقعنا الشعري بصفة خاصة والثقافي بصفة عامة لذا لم يكن غريباً علي نجوي سيد شاعرة العامية السكندرية الراحلة أن تحظي ليلتها في أتيليه الإسكندرية التي أقيمت الخميس الماضي بكل هذا الحضور والزخم الإنساني والثقافي. الجميل في هذه الليلة التي أقامها أتيليه الاسكندرية تحت إشراف رئيسه الرجل المثقف الشاعر د. محمد رفيق خليل أنها لم تتحول إلي حفل تأبين لتعديد مآثر الشاعرة الراحلة في كلمات إنشائية مجاملة رقيقة لكنها جاءت بمثابة مؤتمر ثقافي عن الشاعرة فيه الشهادة والدراسة والقصيدة وغيرها مما يبقي أثره دائما ولاينمحي بمجرد انتهاء الليلة. حظيت الليلة بحضور كبير من مثقفي وفناني الاسكندرية والقاهرةوأصدر الأتيليه كتاباً تذكارياً عن نجوي السيد ضم أغلب وقائع الليلة فضلاً عن دراسات وقصائد لها ووثائق تخصها والكتاب يفصح عن جهد كبير قام به معده د. فوزي خضر الشاعر الكبير وزوج الشاعرة الراحلة نجوي السيد الذي يضرب مثالا نادرا في الوفاء والمحبة تعجز عن وصفه الكلمات. أبكانا فوزي خضر في هذه الليلة عندما قال أشكر كل من أسهم في هذه الندوة وكل من شارك فيها وكل من تفضل بحضورها أما أنت يانجوي فمعذرة مازلت غير قادر علي الكتابة عنك أو الكلام فأنا ما زلت أشعر بأنك معي أحياناً أدعو لك بالشفاء ثم أنتبه إلي أنك انتقلت إلي عالم لا أمراض فيه وحين أكون في الطريق أعد في ذهني حكاية لطيفة كي أحكيها لك حين أعود إلي البيت وأختار شيئاً مما تحبين كي أقدمه لك وعندما أدخل البيت أدرك أنك رحلت وأنني لا أستطيع أن أقدم لك شيئاً غير الدعاء فرحمك الله يانجوي وأدخلك فسيح جناته. شهادات ودراسات ومابين الشهادات والدراسات النقدية والقصائد سارت الندوة التي أدارها وشارك في إعدادها الشاعر جابر بسيوني في حضور د. ممدوح الجعفري المشرف علي رسالة الماجستير التي اعدتها الشاعرة قبل رحيلها تحدث الشاعر د. محمد رفيق خليل عن نجوي السيد واصفاً إياها بأنهاإيزيس الاسكندرية التي أبدعت في الشعر والقصة والرسم والتأليف للأطفال كما كانت راهبة في صومعة الحياة حيث وهبت نفسها لقضايا مجتمعها كما وصفها بأنها شهر زاد التي لاتكف عن الحكي وهي أيضاً ناعسة الصبورة الوفية وهي عروس النيل التي تري في تضحياتهاضمانا للنماء وانسياب الخير. وقدم الشاعر أحمد سويلم قراءة في ديوان نجوي السيد ¢ مافيش مستحيل وقال سويلم إن نجوي السيد لم تنهزم بل قاومت كل شيء هي وزوجها الحبيب فوزي خضر قاوما معاً كل ابتلاء ومرض وعجز وفقر ويأس كانت البسمة دائما بطاقة العبور فوق الشوك إلي عالم الحب والابداع وكما أبدعت نجوي للكبار أبدعت للصغار وتفوقت في كليهما لتؤكد أنها تقهر المستحيل وتهزم الصعب وكان إبداعها للصغار يحمل القيم الإيجابية وتقف بالطفل علي عالم الحب والنور وتوجهه إلي الغد المشرق. أحمد سويلم قال إن الحديث عن نجوي السيد ذو شجون وهو حديث محير حقا متسائلا هل نتحدث عنها شاعرة أسهمت بشعرها الجميل الذي تفرد بالحس العميق والتجربة المتميزة حتي صار لها صوتها الخاص بين الشعراءأم نتحدث عنها مبدعة للأطفال لعبت معهم وحكت لهم وأسعدتهم أم نتحدث عنها كاتبة مسرح أم نتحدث عنها باحثة مدققة أم إنسانة تتميز برقة المشاعر مؤكدا أنها تستحق التكريم ألف مرة ومرة. وتحدث د. محمد شاكر قائلاً إن نجوي السيد كانت تفعل الخير وتنتصر للحق وتدعو للجمال كانت الأم المثالية لمصر حقاً وصدقاً واستطاعت أن تصبح أحد الرموز المصرية الخالدة بتاريخها وبنضالها الذي مازال وسيظل عطاء لايفني ولايموت. وشهدت الندوة إلقاء قصائد عن نجوي السيد لعدد من شعراء الاسكندرية وهم محجوب موسي الذي تحدث كذلك عن مكانة نجوي السيد في مسيرة شعر العامية والشاعر محمود عبدالصمد زكريا والشاعر محمد طعيمة والشاعر ناجي عبداللطيف والشاعرة هدي عبدالغني التي من فرط تأثرها لم تستطع إكمال قصيدتها. وقدم د. فوزي عيسي دراسة عن تجربة نجوي السيد في الشعر الموجه للطفل مشيراً إلي أنها شاعرة متميزة تخلص لفنها الشعري وتحلق في فضاءاته مجددة مبدعة تطرق دروباً عديدة تسهم في إثراء تجربتها الشعرية ومن ذلك إنجازاتها الابداعية في مجال أدب الطفل إدراكا منها لأهمية هذا اللون الأدبي الذي يسعي إلي تشكيل ثقافة الطفل وذائقته الإبداعية. وقدم الشاعر محمد أحمد مبارك إطلالة علي السمات والخصائص الفنية للبوح الإنساني والتعبدي في شعر نجوي السيد كما تحدث الفنان ماهر جرجس عن نجوي السيد الشاعرة والرسامة. مشيراً إلي دورها المهم في إثراء الواقع الثقافي السكندري وقدم مجموعة من الرسومات التي استواحاها من أعمالها وتحت عنوان ¢ السبك في ديوان الرسايل للشاعرة نجوي السيد جاءت دراسة د. محمد إسماعيل الحداد وقدم د. علي محمد خليفة تحليلاً لقصة الغابة النظيفة التي كتبتها نجوي السيد وعن ¢ مغامرات شوشو¢ جاءت دراسة د. رانية محمد جمال. ومن المتحدثين في الندوة كذلك الكاتب محمد غنيم الذي تحدث عن بدايات نجوي السيد وفوزي خضر في قصر ثقافة الحرية الذي كان يديره في بداية حياته العملية مشيداً بتجربة نجوي السيد في شعر العامية الذي تفوقت فيه واستطاعت أن تتميز بكتابة تخصها وتدل عليها. وفي نهاية الندوة قرأ الشاعر جابر بسيوني عدداً من التوصيات التي أصدرها الحاضرون ومنها إطلاق اسم نجوي السيد علي أحد شوارع الاسكندرية ومناشدة وزارة الثقافة سرعة إصدار أعمالها الكاملة الموجودة في هيئة الكتاب منذ فترة وتنظيم مؤتمر رسمي لمناقشة أعمال الشاعرة الراحلة والاعداد للاحتفال السنوي في ذكري رحيلها مع تنظيم مسابقة باسمها في شعر العامية.