انتهي شهر رمضان الكريم سريعا كعادته كل عام ومرت أيامه ولياليه كالطيف الجميل. لم يفسد صفاء وروحانيات الشهر الفضيل سوي مجموعة من الأعمال الدرامية التي جسدت نماذج بشعة وسيئة لم يكن مجالها أو مناخها الطبيعي في الأجواء الرمضانية التي تنقي الروح من شوائب الحياة. أعمال لم تؤصل لأي قيم أو ايجابيات ولم تراع الصالح العام ولا التنشيئة الاجتماعية السليمة التي نحتاجها بشدة في تلك اللحظات الفارقة من عمر الوطن. نهار وليل رمضان كانت تبث ثقافة تساعد علي تدني الذوق وافساد العقل والفكر بكل وسيلة. أما الأخطر من هذه الدراما البعيدة عن الفن الراقي هو طغيان ظاهرة الاعلانات التي تدمر منظومة القيم والأخلاق وتنتهك الآداب والسلوكيات وتضرب النموذج والقدوة في مقتل. وكلنا يعلم أن الاعلان له تأثير اجتماعي قوي يضارع تأثير التعليم والدين.. ومنذ بداية رمضان وحتي نهايته انهالت علينا سلسلة من الاعلانات المستفزة والمسفة علي الرغم من ان هناك مجموعة من المعايير التي وضعها خبراء الاعلام والتربية للاعلان حتي لا تؤثر في مجتمعنا تأثيرات سلبية تضاف إلي التأثيرات التي يتعرض لها كل منا في محيطه أهمها ألا يتعارض الاعلان مع القيم السلوكية التي يقرها المجتمع وألا يكون في المادة الاعلانية ما يروج للعادات والقيم السلبية التي تسيء إلي كيان الأسرة وألا يخدش الحياء اضافة إلي البعد عما يضع الطفل حيال خطر حقيقي من خلال التجربة والتقليد. وهناك أمور أخري تتعلق بالصدق وعدم الاحتيال أو العدوان والتخريب وغيرها من المفاهيم التي تؤسس للاعتدال والحفاظ علي الثوابت والأخلاقيات.. كل هذا لأن الاعلان له تأثير كبير علي النفسية والتشكيل لدوافع المشاهدين ولانه يقتحم حياتنا بدون استئذان. في الخارج اهتموا بوضع دساتير مهنية تنظم النشاط الاعلاني والمسئول عن مراعاة تطبيق المبادئ هو المعلن وكذلك من يقوم بتصميم الاعلانات. وتقع المسئولية أيضا علي الجهة التي تسمح ببث اعلانات لا تتماشي مع المعايير ولكن تجار البيزنس عندنا هدفهم وعقيدتهم الربح حتي لو كان علي حساب القيم وتدمير واتلاف الضمائر وتغييب العقول لابد من محاسبة كل المسئولين عن تقديم هذه الاعلانات التي تهدم الثوابت وتخرب عقول المصريين فسقوط الدول ليس فقط بالحروب ولكن بضياع العقل وتشويش الفكر. خريطة مستقبل الوطن ينبغي أن يختفي منها كل من يسئ للوطن بقول أو بفعل وهؤلاء ناس أصابهم العطب فخرجوا علينا بمشاهد وصور مؤذية افسدت الذوق والثقافة لذلك اؤكد أن المحاسبة واجبة ومطلوب من وسائل الإعلام الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية الواجب اتباعها أثناء بث الاعلانات عبر وسائلها المختلفة. كلمة أخيرة ما يقوم به جهاز حماية المستهلك من جهد في ايقاف بعض الاعلانات أمر جيد يستحق التقدير لكن تظل القضية بحاجة لجهد وعمل ويقظة فمصر تستحق أن نفعل من أجلها المستحيل وترك ساحة الفضائيات بلا ضوابط مهنية أمر مرفوض.