كانت تمثل الحلم الأكبر للرئيس الراحل عبدالناصر ليحقق من خلالها قوة استراتيجية ونفوذاً قوياً في منطقة الشرق الأوسط.. فضلا عن رفضه الخضوع لابتزاز القوي الغربية والاستعمارية الأخري.. وكان من بين الأهداف التي أنشئت من أجلها الهيئة العربية للتصنيع تطوير البنية التحتية وتنفيذ المشروعات القومية.. فضلا عن تأسيس قاعدة صناعية تكنولوجية متقدمة لخدمة الاحتياجات المحلية والعربية.. وقد ساهم في تمويلها عدد من الدول العربية منها المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات.. وبلغ رأس مال الهيئة حينها بليون دولار. في الآونة الأخيرة خرجت الهيئة عن المسار الذي حدده لها "السادات" وعن طموحات "عبدالناصر" لترفع يدها عن الصناعات العسكرية والاستراتيجية لتبسطها إلي الصناعات المدنية التي حققت من خلالها نجاحا منقطع النظير وحصلت الهيئة بمقتضاها علي شهادات الايزو 9001-2000 و14001 بداية من صناعة الأدوات المنزلية والكهربائية والسيارات مرورا بالصناعات البلاستيكية وشفاطات الغلال وانتهاء بتجميع الأجهزة وإنتاج حضانات الأطفال. يأتي هذا في الوقت الذي تمتلك فيه الهيئة عشرة مصانع مختلفة. وعلي الرغم من إعلان الفريق حمدي وهيبة رئيس الهيئة قبل نحو عامين تقريبا بأن الهيئة تدرس تصنيع طائرة "آر بي في" بدون طيار بالإضافة إلي تطوير صاروخ الدفاع الجوي "عين الصقر" فضلا عن امتلاك الإمكانيات اللازمة لتصنيع قمر صناعي مصري.. لكن هيبة عاد وأكد أن الهيئة تفتقد للتصميمات المصرية. هذا في الوقت الذي أشارت فيه أصابع الاتهام إلي الرئيس السابق حسني مبارك من خلال بعض البلاغات والتي سبق ونشرتها "المساء" بشأن إفساد الهيئة خلال فترة رئاسته لها لمدة 23 عاما منذ عام 1988 وحتي تنحيه عن منصبه كرئيس للجمهورية مخالفا للقانون المصري الذي ينص علي عدم جواز قيام الرئيس بممارسة عمل تجاري أثناء وجوده في منصبه. تعرضت الهيئة للاهمال الشديد خاصة بعد انسحاب الدول العربية من تمويلها عام 1979 كرد فعل مباشر علي "معاهدة السلام" التي وقعتها مصر مع الكيان الصهيوني.. وبذلك أصبحت هذه المعاهدة هي المتهم الأول في الحال التي وصلت إليه الهيئة حاليا.. هو الأمر الذي أكده الدكتور عمار علي حسن رئيس مركز الأبحاث السياسية بوكالة أنباء الشرق الأوسط مشيرا إلي أن الهيئة بدأت بأحلام عريضة في ظل خطة اقتصادية متكاملة لبناء قلاع صناعية وطنية تقود مصر من خلالها المنطقة العربية.. ثم بدأت تتهاوي بعد انسحاب الاطراف العربية.. لاسيما بعد تبني نظام الحكم السابق سياسة "الخصخصة" إلي جانب الخطط الاقتصادية المتضاربة والضغوط السياسية والدولية التي كانت تصب في اتجاه نزع أنياب الصناعة المصرية.. ومع ذلك فإن الهيئة تعد واحدة من بين الكيانات الاقتصادية التي احتفظت بجزء من بريقها علي الرغم من تلك الهزات الاقتصادية وتوقع أن تعود الهيئة لسابق عهدها من ثورة 25 يناير شريكة تبني المشاريع الحكومية. يقول د.حمدي عبدالعظيم الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات: أنشئت الهيئة العربية لتكون إحدي الركائز الأساسية للصناعات العسكرية في مصر.. لتحقق حلما لطالما راود الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بعد الضغوط التي مارستها الولاياتالمتحدةالأمريكية وحليفتها إسرائيل علي الدول التي تصدر السلاح لمصر بهدف حرمانها من التسلح. يؤكد عبدالعظيم أن هاتين الدولتين كانتا وراء محاولات التفكيك المتعمد لكيان الهيئة بهدف تحويل الدول العربية إلي سوق دائم ومستهلك لصناعة السلاح الغربي.. فضلا عن تغييب المنطقة العربية في ظلمات الأمية التكنولوجية الخاصة بصناعة السلاح. ولكي تعود إلي مسارها الصحيح دعا عبدالعظيم إلي ضرورة إعادة لم الشمل العربي إلي جانب ضرورة استغلال الفائض النفطي الكبير لديهم من أجل التفاوض مع الدول المتقدمة التي تمتلك تراخيص الأسلحة للحصول عليها.. إلي جانب إجراء مجموعة من الاتفاقيات والشراكة مع هذه الدول من أجل تصنيع وتطوير الأسلحة بشكل مشترك..