من الحقائق الثابتة التي أرسي الإسلام قواعدها الثابتة تتضمن أن الذكر والأنثي في ميزان العدل سواء فالنساء شقائق الرجال وقد أوضح القرآن الكريم هذا الأمر بصورة لا تقبل الجدل ولابد من الإذعان بها ففي سورة الأحزاب يقول ربنا سبحانه وتعالي: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات" إلي قوله تعالي "أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما" 35 الأحزاب. ولذلك الدرجات علي هذه الأعمال والصفات يتساوي فيها الذكر والأنثي وهذه المناسبة تقودنا للحديث عن سيدة نالت شرف زواجها من سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم هذه السيدة هي جويرية بنت الحارث من بني المصطلق وشاءت أن تقع جويرية بين سبايا غزوة بني المصطلق سنة ست أو خمس علي تضارب في الروايات وحين وقعت في الأسر كانت تحت مسافع بن صفوان المصطلقي وبعد انتهاء المعارك كانت جويرية قد وقعت في سهم ثابت بن قيس أو ابن عم له. وذلك بعد أن قام رسول الله صلي الله عليه وسلم بتقسيم سبايا بني المصطلق لكنها كاتبته علي نفسها وذلك لكي تفتدي نفسها وتصبح حرة وتمتلك زمام نفسها. جويرية رزقها الله الملاحة والجمال فكان لا يراها أي أحد إلا أخذت بنفسه فيغبطها تقديراً لهذه الموهبة وذلك الجمال الذي وهبه الله إياها. وفي إطار البحث عن سداد قيمة المكاتبة التي ألزمت نفسها الوفاء بها توجهت إلي بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم كي تستعين به في سداد قيمة المكاتبة وبمجرد أن رأتها السيدة عائشة قالت: فوالله ما أن رأيتها حتي كرهتها. وقالت يري منها ما رأيت فلما دخلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك. وقد كاتبت علي نفسي ومضت تقول أريد أن تعينني علي الوفاء بما ألزمت نفسي بسداده. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أوخير من ذلك. أؤدي عنك وأتزوجك فقالت في التو واللحظة نعم. معلنة أنها توافق علي الزواج من رسول الله صلي الله عليه وسلم. بعد موافقة جويرية عقد الرسول عليها وتزوجها. وعندما بلغ الناس زواجها من سيد الخلق قالوا: أصهار رسول الله صلي الله عليه وسلم فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق. فقد أعتق بها مائة من أهل بيت من بني المصطلق وتقول كتب السيرة والتراجم ما نعلم امرأة أعظم بركة منها علي قومها: سبحان مغير الأحوال فتلك مشيئته سبحانه. إذ لم تكن جويرية تطمع إلا في مساعدتها في سداد قيمة المكاتبة ولم تكن تحلم في يوم من الأيام أنها ستصبح زوجة لسيد الخلق صلي الله عليه وسلم وتكون من بين أمهات المؤمنين. تلك هي مشيئة الله ورحمته بعباده وقد جاء زواجها من الرسول صلي الله عليه وسلم بعد زينب بنت جحش. وقد روت السيدة جويرية الأحاديث عن الرسول صلي الله عليه وسلم. فقد حدث محمد بن جعفر عن محمد بن عبدالرحمن قال: سمعت كريبا يحدث عن ابن عباس عن جويرية بنت الحارث أن النبي صلي الله عليه وسلم مر عليها وهي في "مسجدها" وهو موضع سجودها لله في صلاتها - ثم مر عليها قريباً من نصف النهار. فقال لها مازلت علي حالتك؟ قالت: نعم. قال صلي الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات تقولينها: سبحان الله عدد خلقه. سبحان الله عدد خلقه. سبحان الله عدد خلقه. سبحان الله رضي نفسه. سبحان الله رضي نفسه. سبحان الله زنة عرشه. سبحان الله زنة عرشه. سبحان الله زنة عرشه. سبحان الله مداد كلماته. سبحان الله مداد كلماته" هكذا من الله علي جويرية بنت الحارث وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. لقد صارت هذه السيدة من أهل الإيمان وعندما شاهدها رسول الله صلي الله عليه وسلم تسجد لله خصها بهذه الكلمات الطيبة لقد تلألأ نور الإيمان لدي جويرية فيا لها من سعيدة بهذا الزواج من رسول الله الذي بعثه الله رحمة للعالمين. إنها إرادة الله سبحانه.