وهي ثاني زوجة للنبي صلي الله عليه وسلم تُذكر في القرآن تلميحاً بعد السيدة عائشة. الصديقة بنت الصديق. وكانت تتباهي علي نساء النبي صلي الله عليه وسلم وتقول لهن: "أنتن زوجككن آباؤكن وإخوانكن. أما أنا فقد زوجني ربي من فوق سبع سماوات" وهي تعني أن الله زوجها لرسوله بعد طلاقها من زيد بن حارثة. وذلك في قول الله تعالي: "فلما قضي زيد منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون علي المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً" فترد عليها السيدة عائشة وتقول لها: "وأنا برئني الله من فوق سبع سماوات" وهي الزوجة الوحيدة لرسول الله التي دخل عليها بغير عقد ولا شهود ولا مهر. لأن الله زوجها له مباشرة بالآية السابق ذكرها. ولها قصة طويلة مع طليقها زيد. حيث إنها كانت امرأة حرة شريفة مهاجرة من بني أسد. فلما أمر الرسول زيداً أن يتزوجها أبت وقالت: "أنا خير منه حسباً" فأنزل الله قوله تعالي: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً" فانصاعت لأمر الله وأمر رسوله صلي الله عليه وسلم وتزوجت زيداً لأن الاية معناها أنه لا يجوز لأي مؤمن ولا مؤمنة إذا أمر الله بأمر أن يختار لنفسه أمراً غير أمر الله. ومن يعص أمر الله وأمر رسوله "فقد ضل ضلالاً بعيداً" أي ضلالاً بيناً واضحاً. وقد عاشت مع زوجها قرابة سنة. ولكنهما لم يتوافقا نظراً للفارق الاجتماعي بينهما. فهو عبد وهي حرة شريفة من بني أسد. وبنت عمة النبي صلي الله عليه وسلم فحدث تنافر بينهما. وشعر زيد أنها تعالي عليه. فكان كثيراً ما يشكوها للرسول صلي الله عليه وسلم ويستأذنه أن يطلقها لأنه هو الذي أمره بزواجها وكان الرسول يعلم أن الله سيزوجها له من بعده لينهي التبني الذي كان سائداً قبل الإسلام. ولكن كان يقول له: "اتق الله وأمسك عليك زوجك" لخوفه من انتقاد بعض الناس له لزواجه من زوجة ابني الدعي. أي ابنه المتبني. فلما عاتبه الله قائلاً: "وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه" أذن لزيد في لاقها. وقد مدحتها ضرتها أم المؤمنين عائشة لموقفها في حادثة الإفك. فقالت: "ولم تكن تساميني امرأة من نساء النبي إلا زينب. ولكن الله عصمها فلم تقع فيما وقع فيه الناس".