الشيخ سعد عبدالخالق محمود إمام وخطيب مسجد أبي العباس المرسي بالإسكندرية يروي ذكرياته مع الشهر الكريم وكيف أدي مهمته في خدمة الدعوة الإسلامية طوال مسيرة حياته. تحدثنا مع الشيخ سعد عن مسجد أبي العباس الذي عندما يذكر فيها اسم الإسكندرية لابد أن يُذكر اسم المسجد الذي سمي باسم صاحبه أبي العباس المرسي الرجل الذي مكث في الإسكندرية 43 عاماً يؤثر في الناس بعلمه وأخلاقه وسلوكياته حتي توفي ودفن في هذا المكان. سألنا الشيخ سعد: * نبذة عن المسجد في البداية؟ ** مسجد أبي العباس المرسي بالإسكندرية من أهم الآثار الإسلامية والسياحية بمصر يقصده المسلمون من أجل الزيارة والتبرك والصلاة فيه وحضور حلقات الذكر.. كما يزوره غير المسلمين علي أنه تحفة معمارية ويلقون أحسن معاملة.. ومن تلاميذ الشيخ أبي العباس سيدي ياقوت العرشي والإمام البوصيري لذلك سميت منطقة بحري بميدان المساجد. * كيف كنت تقضي رمضان أيام الطفولة؟ ** عندما كنت صغيراً أظل مع والدي في الحقل أساعده طوال اليوم وعند وقت المغرب وساعة الإفطار كنا نتجمع يومياً بالقرية وكانت طلقات المدفع في النيل مباشرة ونهلل فرحاً بالطلقة ثم يؤذن مؤذن الإذاعة وكنا نردد وراءه نحن الأطفال وليس كما يحدث الآن من إطلاق الأعيرة النارية ونتوجه كلنا إلي المسجد فرحين بأيام هذا الشهر الكريم ثم نتناول التمر واحتساء اللبن أو الماء ثم نصلي ويذهب كل منا إلي منزله. ولكن في الصعيد كانت هناك ميزة جميلة غير موجودة حالياً هي أن كل منزل يضع طعامه أمام منزله وتجلس كل الأسرة تتناول الإفطار وكان يستوقفون المارة والعائدين من حقولهم وأعمالهم حتي يتناولوا طعام الإفطار . وكان ذلك يخلق روحاً جميلة ونوعاً من التكافل الاجتماعي وتسهم في زيادة المودة بين الناس.. ثم نتجمع نحن الأطفال ونتوجه إلي المسجد لصلاة العشاء وكل منا يحمل فانوس رمضان أبو شمعة.. أتذكر كنا والأطفال نردد مع المؤذن عندما كان يصلي علي النبي بدون مكبرات صوت ثم نصلي العشاء والتراويح 20 ركعة علاوة علي الشفع والوتر وبعدها كنا نجلس في مضيفة العائلة كي نستمع إلي القرآن طوال الشهر لمدة ساعتين وأكثر وأتذكر أننا كنا نوقد المصابيح والقناديل في المساجد. والمسحراتي الذي كان يطوف ويجوب شوارع القري حتي يوقظ الأهالي لطعام السحور. وفي الأيام الأخيرة كانت تقوم مجموعة من الأصوات الحسنة يتلون التواشيح قبيل صلاة الفجر التي تعبر عن وحشتهم وتوديعهم لشهر رمضان وأهل القرية كانوا يبكون وكأنهم يودعون ضيفاً عزيزاً عليهم.. ولا شك أن هناك اختلافاً وتفاوتاً بين ما كنا نعيشه وبين هذا الوقت حيث انشغل الناس في أحوال الدنيا والأمور المعيشية. * هل بعدت الفضائيات الناس عن الصلاة في المساجد؟ ** التليفزيون والفضائيات حجبت الناس عن الصلاة بالمساجد في رمضان لمتابعة المسلسلات ويكتفون بالسماع للأذان والصلاة بالمنازل دون الذهاب للمساجد. * هل المسجد يؤدي دوره حالياً في خدمة الإسلام؟ ** المسجد يؤدي دوره في خدمة الدعوة من خلال خطب الجمعة والدروس ومحاولة إظهار الفساد والعمل علي الخير ونبذ الشر وهذا هو دور المسجد العظيم فضلاً عن تعاليم القرآن وتوجيه الأهالي إلي ما يعود علي الفرد والمجتمع بالنفع وزيادة الإنتاج. الحركات الائتلافية * ما رأيك في الحركات الائتلافية التي ظهرت وتظهر حالياً؟ ** للأسف إن اختلافها سيؤدي إلي كارثة علي البلاد والمفروض ألا يفسد للود قضية ولو نظرنا إلي الأئمة الأربعة ما اتفقوا في الأصول واختلفوا في الفروع لكن كان بينهم روح الود والحب. لذا فمن الواجب علي هذه الحركات والقوي السياسية هدفهم مصر أولاً ولكن للأسف المصالح الشخصية طغت وأطالبهم أن يكونوا أصحاب حكمة وأن ينظروا لمصلحة الوطن قبل أي شيء حتي لا يستغل فلول النظام البائد ذلك وتضييع الثورة لذلك أؤكد أن كل هذه الطوائف الدينية والقوي السياسية ليست في صالح الإسلام ويا ليتهم كانوا تحت راية واحدة! لذلك نرفض الخلاف بين الصوفيين والسلفيين فالاثنان يتفقان في الكتاب والسنة ولكنهما يختلفان في فهم النصوص "الآية والحديث" وهذا هو سر الخلاف بينهما فالسلفيون يأخذون بظاهر النص أما الصوفيون يعملون بالعقل والفكر في فهم النص. * هل يؤدي الدعاة والأئمة دورهم للارتقاء بخدمة الدعوة؟ ** النظام السابق كان له هدف مقصود وهو إهدار حق الإمام والداعية حتي لا يكون لهم تأثر ودور في المجتمع لأن الداعية صاحب أكبر وسيلة إعلامية مؤثرة وإذا قارنا ما يتقاضاه الإمام أو الداعية في مصر عن زيارته في الدول العربية فالفرق كبير. الخطاب الديني ** نحن في حاجة إلي تطوير الخطاب الديني الإسلامي حيث إن الإسلام يواكب ويناسب كل زمان ومكان وهناك علماء اشتهروا بالتغيير والتشديد مع تمسكهم بالأصل ومن بينهم الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني والشيخ الشعراوي والغزالي ولابد أن نربط العلم بالدين وأن ننظر إلي القضايا المستحدثة والتي لم تكن في أسلافنا ونفيدها بما يتفق مع النصوص والقواعد الفقهية. وانتقد الشيخ سعد الوضع السييء الذي عليه خطبة الجمعة بالمساجد مشيراً إلي أنها لم تكن في صالح المصلين حيث لابد أن تواكب وتناسب الأهالي ولابد أن تتناول مشاكلهم وقضايا الساعة فالداعية كالطبيب لابد أن يخص الدواء حتي يضع الدواء المناسب وللأسف انشغل الداعية عن رسالته ودعوته والنتيجة أصبحت خطب الجمعة بالمساجد جوفاء تأدية واجب فقط! لذا لابد من النهوض بالداعية مادياً ومعنوياً.