لم تستطع كل من وزارة التربية والتعليم ولا وزارة الداخلية أن تفي بالوعد الذي قطعته علي نفسها وتمنع الغش في امتحان الثانوية العامة الذي بدأ هذا الأسبوع. ملأت وزارة التربية والتعليم وسائل الإعلام صحفا وفضائيات بتصريحات أنها ستواجه محاولات الغش بكل صرامة ووضعت من أجل ذلك قواعد وسنت قرارات "تودي في داهية" لكل من تثبت إدانته في تسريب ورقة امتحان. وأعلنت الداخلية بكل حسم أنها ستواجه الغش الالكتروني من خلال الصفحات التي اعلنت في "بجاحة" تامة أنها لن تتنازل عن تلك المهمة "المقدسة" لتسريب أوراق الامتحان ونجحت بالفعل في القبض علي صاحب احدي صفحات الغش.. لكن ما أن تم ذلك حتي أعلن شاب آخر أنه سوف يواصل ما بدأه زميله.. وكأننا نمارس لعبة "عسكر وحرامية". البداية تسريب ورقة امتحان التربية الدينية.. والمعروف أنها لا تضاف إلي المجموع ولكنها مادة نجاح ورسوب.. ولم ندر إلي الآن كيف تسربت هذه الورقة ومن الذي قام بذلك.. واضطرت الوزارة إلي إلغاء امتحان التربية الدينية وحددت له يوم 29 يونيو الجاري بطبع ورقة اسئلة جديدة وإعادة الامتحان فيها مرة أخري. ولم يمض علي ذلك سوي ساعة أو ساعتين حتي تم الاعلان عن تسريب ورقة امتحان اللغة العربية. وأصبحت المكتبات تبيعها علنا في أسيوط. قال الموقع الالكتروني لصحيفة "اليوم السابع" إن ورقة امتحان اللغة العربية تسربت ووصلت إلي المكتبات بالمحافظة.. وعلي الفور تمت الإجابة علي الأسئلة وتداولها عدد من الأهالي حيث تمت الإجابة علي السؤال الأول "من النصوص" ووصل سعر هذا السؤال 15 جنيها للورقة الواحدة.. أما إجابة النصوص بالكامل فبلغت 30 جنيها. وشهدت مكتبات أسيوط تكدسا وزحاما من الأهالي للحصول علي الاسبقية لورقة الإجابة المطبوعة رغم ارتفاع سعرها. قال نفس الموقع الالكتروني إن وزارة التربية فشلت في مواجهة تسريب امتحانات الثانوية العامة علي مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الغش الالكتروني.. حيث اثبتت الورقة الأصلية لأسئلة امتحان اللغة العربية صحة الورقة المسربة علي مواقع التواصل الاجتماعي. وتم ذلك بعد ثلث ساعة فقط من بدء الامتحان وهو الأمر الذي يضع وزارة التربية والتعليم في مأزق. نشرت إحدي الصفحات المختصة ب "تغشيش" الطلاب علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" إجابة سؤال النحو في مادة اللغة العربية. وهكذا والبقية تأتي في باقي المواد رغم التغشيش الذاتي للطلاب قبل دخول الامتحان ورغم منع التليفونات المحمولة من الطلاب وأخذها منهم علي باب المدرسة.. لكننا نتساءل: هل تم تفتيش آذان الطلاب قبل دخول الامتحان لمعرفة ان كانوا قد ركبوا سماعات في آذانهم لزوم الغش أم لا؟ وكانت وزارة التربية قد اعلنت ان 60 طالبا ذهبوا لتركيب تلك السماعات... لم يعد "الغش" ظاهرة في مصر تستحق الدراسة من علماء النفس ومن الاخصائيين الاجتماعيين ولا من اساتذة مراكز البحوث الجنائية.. لأن الغش في مصر أصبح شيئا راسخا وثابتا في النفوس.. فلا يمكن لإنسان أن يعيش إلا بالغش والتدليس والفساد والرشوة.. وكما قلت إن الغش أصبح شيئا لازما لحياتنا. اسألوا عن الغش ليس في التجارة وحدها ولا في مصانع الأغذية المحفوظة ولا في أي صناعات.. بل اسألوا عنه في أكله الفقراء "الفول والطعمية" واذهبوا إلي أي جزار ستجد أن لحم الحمير مختلط بلحم البقر.. وأن اللحم المستورد الذي لم يزد سعره عن 50 جنيها يباع الآن ب 90 جنيها.. وهكذا.. اكتشفت الدولة أعداداً كبيرة من الحمير المذبوحة. ولا ندري كم حمارا أكلنا في حياتنا!! الغش لم يصبح ظاهرة بل أصبح طبعا أصيلا فينا!! يحيا الغش.. في الامتحانات وغيرها!! ولا تشغلوا بالكم بمحاسبة وزير التربية والتعليم فهو ليس مسئولا عن الغش الذي أصبح شيئا لازما في حياة المصريين.