علي مدي التاريخ هناك رجال من المسلمين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء. نذروا أنفسهم لله عز وجل فهانت عليهم الدنيا بمتاعها وكان العمل والجهاد في مقدمة أولوياتهم وبذلك صاروا نجوما في كثير من المجالات. الوفاء والزهد والأخلاق من جميل صفاتهم وصدق في جانبهم قول الله تعالي: "إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفي بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم" "111 التوبة". لقد أشرق نور الإسلام علي أيدي هؤلاء الرجال وانتشر في كل البلاد والأمصار وكانت أعمالهم وتضحياتهم مضرب الأمثال.. ومع هؤلاء الرجال سوف نعيش أوقاتا خلال أيام رمضان المباركة ونذكر الأجيال بهذه النماذج الذين آثروا الحياة بجلائل أعمالهم وتضحياتهم. من هؤلاء الرجال اعرابي وفد علي رسول الله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وآمن بالله ورسوله وبايعه علي السمع والطاعة والعمل معلنا أنه سيظل معه مهاجرًا في سبيل الله وقد عهد به الرسول إلي بعض أصحابه حتي يكون علي بينة بمسيرة هؤلاء الذين سبقوه إلي الإسلام كي يكتسب المزيد من أجل الصفات والأعمال. ومضت الأيام بهذا الرجل الاعرابي بينما هو ثابت القلب قوي العزيمة وعندما أذن مؤذن الجهاد في سبيل الله انضم إلي صفوفهم فكان من خيرة الجنود وتحقق للمسلمين النصر في هذه الغزوة وحققوا الكثير من الغنائم. وبعد أن انتهي المسلمون من تبعات هذه المعارك أخذ الرسول يقسم لهم الغنائم ويعطي كل رجل من هؤلاء نصيبه من هذه الغنائم وعندما حصل هذا الأعرابي علي نصيبه كانت هناك مفاجأة فقد أخذ نصيبه واتجه به نحو رسول الله صلي الله عليه وسلم ووضعه أمامه ثم توجه إلي رسول الله بسؤال قائلا: "ما هذا الذي قدمه الصحابة لي؟ فقال الرسول صلي الله عليه وسلم: انه نصيبك من هذه الغنائم وفقا لتقسيم هذه الغنائم كما أمر الله تعالي لكن الرجل بإيمان ثابت قال: يا رسول الله ما علي هذا اتبعتك. ولكن اتبعتك علي أرمي بسهم ها هنا وأشار إلي حلقه فأموت فأدخل الجنة. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن تصدق الله يصدقك". ثم انصرف الرجل بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم يبدو السرور علي وجهه لموقف الرجل وصدقه. ولم تمض سوي أيام قلائل حتي توجه الرسول صلي الله عليه وسلم ورجاله إلي قتال الأعداء دفاعا عن النفس وردا لاعتدائهم. استمرت المعارك بين المسلمين وخصومهم وإذا بالرجل الاعرابي يسقط شهيدا فيحمله الصحابة إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وبينما هم بين يديه سألهم: أهذا هو الاعرابي وهل أصيب في نفس الموضع الذي أشار إليه؟ فقال الصحابة نعم. فقال الرسول صلي الله عليه وسلم: "صدق الله فصدقه. ثم كفنه الرسول صلي الله عليه وسلم في جبة للنبي. ثم تم تقديمه فصلي عليه وأخذ يدعو له وكان مما ترامي إلي مسامع الصحابة من دعاء الرسول ما يلي: "اللهم هذا عبدك. خرج مهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا وأنا شهيد علي ذلك" تلك هي فضائل الشهيد في سبيل الله. والاعرابي الذي لم تذكر كتب التراجم اسمه كان نموذجا رائعا للجندي المجهول في سبيل الله".