بعد أكثر من عامين على ثورة 25 يناير المباركة و التي كانت سفينة أحلام جميلة لكل المصريين، بدأت الخروق تجتاح تلك السفينة ، و تلك الخروق أراها خروق عدم الصدق مع النفس في حب مصر و رَوم تقدمها و عودة ريادتها ،فكم من مدع لحبها و نصرتها و لكن كما قال الشاعر : وكل يدعي وصلاً بليلى....وليلى لا تقر له بذاك. إن آفة انعدام الصدق عقبة كؤود في تحقيق الأهداف ،فتجد الرجل يقول أريد أن أفعل كذا و كذا ،ثم تلقاه بعد سنين فيقول نفس الشيء و لم يخط خطوة إلى الإمام ،فتلك علامة الكذب في القول و انعدام النية ،و قد حثنا الله عز و جل على الصدق فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119) ، و هذا أعرابي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم آمن به واتبعه، ثم قال: "أهاجر معك، فحصلت للنبي صلى الله عليه وسلم غنيمة، وقسم لهذا الأعرابي كما قسم للصحابة، فلما جيء بهذا القسم إليه بحقه من الغنيمة قال: ما هذا، قالوا: قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذا، قال: (قسمته لك)، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمى إلى هاهنا -وأشار إلى حلقه- بسهم، فأموت، فأدخل الجنة"، بايعتك على هذا المبدأ لا على الأموال، "فقال: (إن تصدق الله يصدقك)، فلبثوا قليلاً، ثم نهضوا في قتال العدو، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أهو هو؟) قالوا: نعم، قال:(صدق الله فصدقه)، ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: (اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك، فقتل شهيداً، أنا شهيد على ذلك) رواه النسائي، فيا شعب مصر الصدق الصدق..ويا إسلاميي مصر الصدق الصدق..و يا ليبراليي مصر الصدق الصدق! إن جميع الفصائل و التيارات في مصر تشبه السلسلة، إذا لم تصدق واحدة منها انفصمت تلك السلسلة و ضاعت مصر في مهب الريح ، إن من مظاهر عدم الصدق مع مصرنا تقديم الأهواء و المصالح الشخصية على مصلحتها و ما ينفعها فنرى التناحر و الفتن..و لو صدقنا في ما ندعي لخطونا نحو الأمام منذ زمن ،و لكن العقبات كثيرة و النفوس تملؤها غيوم الأنانية و العصبية إلا من رحم ربي ! نموذج صدق: إن اليابان نموذج للصدق في الرغبة نحو التطور و التقدم ،فبعد أن ألٌقيت القنبلة النووية في هيروشيما و نجازاكي عام 1945 و هزيمتها في الحرب العالمية الثانية ،ها هي اليابان اليوم من أكثر الدول تقدما في جميع المجالات مع قلة الموارد ومع الدمار الذي خلفته فيها الحرب العالمية الثانية يقول (نوبوأكي نوتوهارا) الباحث الياباني في الثقافة العربية، في كتابه (العرب وجهة نظر يابانية:"الكاتب المصري المعروف (يوسف إدريس) زار اليابان عدة مرات، ولقد قال لي: إنه كان يبحث عن سر نهضة اليابان التي أدهشت العالم، هو نفسه كان مستغرباً ويريد أن يعرف الأسباب العميقة التي جعلت بلداً صغيراً معزولاً كاليابان يصبح قوة صناعية واقتصادية كبرى. و بعد الزيارة الثالثة سألته :هل وجدت الإجابة في اليابان قال لي: نعم. عرفت السبب، مرة كنتُ عائداً إلى الفندق في وسط طوكيو حوالي منتصف الليل، ورأيت عاملاً وحيداً فوقفتُ أراقبه لم يكن معه أحد ولم يكن يراقبه أحد، ومع ذلك كان يعمل بجد ومثابرة، كما لو أن العمل ملكه نفسه. عندئذٍ عرفت سبب نهوض اليابان، وهو شعور ذلك العامل بالمسؤولية النابعة من داخله بلا رقابة أو قسر. عندما يتصرف شعب بكامله مثل ذلك العامل؛ فإن الشعب جدير بأن يحقق ما حققتموه في اليابان". فيا أيها المصريون ...نحن أولى الناس بصدق النية و حسن الطوية ،كما يعلمنا ديننا ،و هذا أقل ما تستحقه مصر قائدة العالم العربي و الإسلامي. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]