* يسأل الشيخ سمير أبو الزلط بشركة البتروكيماويات المصرية بالعامرية؟ كيف يعمل الصيام علي تقوية الإرادة ومكافحة الشهوة والترابط الأسري ومحاربة الشيطان؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: للصيام آثار وافرة وفضائل متعددة ترتفع بالانسان الي أعلي درجات العبودية وتتناءي به عن الذات والرغبات الدونية. واذا ما حرص المؤمن علي أن يؤدي صيامه بأركانه كاملة في خشوع وخضوع متعبدا عن كل ما يؤثر فيه تولدت لديه آثار الصيام فسعد به في الدنيا والآخرة. ولقد وردت في منزلة الصيام وآثاره أحاديث كثيرة تحث علي وجوب اغتنام هذا الشهر حتي تستفيد النفس بفضائله. يقول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم: "من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ كفر ما قبله". ويقول: "أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان لم تعطهن أمة قبلهم: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. وتستغفر لهم الحيتان حتي يفطروا". ولقد عد النبي صلي الله عليه وسلم جهاد النفس أعظم من جهاد الأعداء. لأن النفس تهفو الي المعصية وتراود صاحبها علي ارتكابها. فهي من أشق ابتلاءات الانسان في الدنيا. وتظهر هذه المشقة جلية في شهر رمضان. حيث يجاهد الانسان شهواته ورغباته ونواياه المستقبحة. فيراقب جوارحه في حركاتها وسكناتها ولا يتكلم الا بخير تنفيذا لأمر خالقه: "فاذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب. فان سابه أحد أو قاتله فليقل: "اني صائم". ويظل الانسان علي تلك المراقبة من نفسه حتي اذا انقضي شهر رمضان خرج منه وهو قوي الارادة قادرا علي مجاهدة أعدائه. ولعل تلك العزيمة القوية التي تتولد من هذا الشهر الكريم تفسر لنا سر انتصارات المسلمين في تلك الأيام المعدودات. كما انه ما من شهر تترابط فيه الأسر مقل ترابطها في هذا الشهر المعظم. حيث يجتمع أفراد الأسرة الواحدة فتتعاطف المهج والنفوس مع بعضها البعض. وتزول الشحناء وتذوب الخلافات بما لا يتيسر ذلك في أي شهر آخر في ظل ظروف الحياة المعاصرة التي حتمت علي الأكثرية التفرق في المكان الواحد بعد أن تفرقوا في الأماكن المختلفة. ولاشك أن آثار الترابط في شهر رمضان قل أن يوجد لها نظير. حيث تتبدل العلاقات. ويتناصح الأفراد. وتزيد الألفة والمودة والتعاطف بين الناس. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلي الله عليه وسلم اذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئذر". كما ثبت أن الشيطان يجري من ابن آدم مجري الدم. وانه يستمد هذه القوة عندما يكون ابن آدم حريصا علي الطعام والشراب وجعل ذلك غايته. ومن هنا أمر النبي صلي الله عليه وسلم بتضييق السبل علي تلك القوي الشيطانية وتدميرها بالصيام. فيقول: "إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجري الدم فضيقوا مجاريه بالجوع". وهذا الحديث يحتم علي الشخص الفرار الي الله بالصيام الخالص البعيد عن الشهوات. وان الله قد حفظ وتكفل بهداية من يجاهد في سبيله بقوله: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين" "سورة العنكبوت: الآية 69". فاذا أتقن المنتسبون لهذا الشهر ترويض أنفسهم بالمجاهدة. فقد فازوا بربح لم يفز به غيرهم. وتقلدوا بذلك أرفع الدرجات. ولكن كثيرا من الناس لا يعرفون عن رمضان الا تجهيز الطعام والشراب والاعداد لكل ما لذ وطاب. ولذلك قهرهم الشيطان في رمضان. حتي أصبحوا عبيدا للأوجاع.