هي الصديقة بنت الصديق. المبرأة من فوق سبع سماوات. نزلت فيها عشر آيات حين رماها المنافقون بفعل الفاحشة. وصدّقهم بعض المؤمنين. لتظهر براءتها. وصيانة لعرض الرسول قال تعالي: "إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امريء منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولي كبره منهم له عذاب عظيم". أي أن ما جاء به المفترون ليس شراً علي المؤمنين. ولكنه خير لهم. لأن الله أنزل بعد هذه الحادثة آيات سورة "النور" بما فيها من آيات تبرئتها وبيان فضلها. بأن من يرميها بالفاحشة "كما يفعل بعض الشيعة" له عذاب عظيم. وبما فيها من فرض الحجاب علي المسلمات. وآيات استئذان دخول البيوت. وغض البصر. وحد الزنا. وحد القذف.. إلخ. وقد بينت الآيات أيضاً التصرف الصحيح الذي لابد أن يفعله المؤمنون حين يسمعوا من يتكلم علي أعراض المؤمنين "لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين". وأنه لابد من الإتيان بأربعة شهداء لإثبات الفاحشة "لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون". ومن لم يأت بأربعة شهداء فليجلد ثمانين جلدة "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأؤلئك هم الفاسقون"4" إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم" حتي لا تكون الأعراض نهبة للعابثين كما يحدث في زماننا هذا. ومن أكبر ما يستفاد من هذه القصة أنها تؤيد نبوة الرسول. إذ لو كان هو الذي ألف القرآن "كما يدعي المبطلون" لما انتظر شهراً كاملاً في هذه المحنة العصيبة. ولألف بسرعة بعض الآيات لتبرئها وتنتهي المشكلة. ومن فضائل السيدة عائشة رضي الله عنها أن الله هو الذي اختارها زوجة لرسوله. فقد قال لها بعدما تزوجها: "أريتك في المنام مرتين. يحملك الملك في سرقة من حرير. فيقول هذه امرأتك. فأكشف عنها فإذا أنت هي. فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه "صحيح الجامع: 915" وذلك لعلم الله سبحانه وتعالي بما سيكون في هذا الزواج من خير. فقد تربت رضي الله عنها في بيت الرسول صلي الله عليه وسلم وكانت نجيبة وذكية. ولها ذاكرة قوية. فعلمت الأمة ما كان عليه الرسول صلي الله عليه وسلم في بيته. وكانت تجيب علي تساؤلات النساء اللاتي يستحين أن يسألن عنها الرسول صلي الله عليه وسلم وعاشت بعده طويلاً حتي أدركت زمن تدوين الأحاديث. فكانت الثالثة في رواية الأحاديث بعد أبي هريرة وعبدالله بن عمر.