لاينكر أحد أن د. فاروق العقدة محافظ البنك المركزي المصري والفريق المعاون له قدموا لمصر الكثير من الانجازات التي تحققت بفضل مابذلوه من جهد طوال الفترة الماضية والتي كان من أهم نتائجها علي أرض الواقع فرض حالة من الاستقرار غير المسبوق داخل القطاع المصرفي المصري الذي كان يعاني الكثير من المشكلات.. الي جانب النقطة الأهم ألا وهي استقرار سوق الصرف لدرجة لفتت معها أنظار جميع المراقبين قبل المتعاملين بالسوق. إن القطاع المصرفي يحتاج أكثر من غيره الي قائد واع فاهم صاحب فكر يمتلك القدرة علي الادارة والقيادة والحزم يلتف حوله جميع العاملين قبل القيادات يهابونه ويحبونه في آن واحد تتوفر لديه مميزات وصفات الرقيب القوي الحاسم الذي يجمع ولا يفرق.. وقد اتفقت جميع القيادات والعاملين بالبنوك علي أن كل هذه الصفات والميزات وأكثر منها لاتتوافر الا في شخص واحد هو د. فاروق العقدة حيث أجمعوا جميعا ومعهم كل المراقبين الدوليين انه هو المحافظ الافضل للبنك المركزي المصري خلال الخمسين عاما الماضية.. ولم تأت البنوك بمثله قط في كفاءته وخلقه الرفيع وطهارة يده التي يشهد بها القاصي قبل الداني.. وهو الوحيد القادر علي جمع كل قيادات البنوك حوله بحب وزعامة في آن واحد. يري الجميع أن استمرار هذا الرجل في منصبه خاصة خلال هذه الفترة العصيبة من تاريخ مصر أمر جوهري خالص شديد الأهمية للعبور بالاقتصاد المصري الي بر الأمان.. وتزداد أهمية هذا الأمر لاستمرار.. والمحافظة.. علي نجاح خطط التنمية الاقتصادية خلال الفترة المقبلة والمساهمة الي جانب جهات كثيرة مخلصة في الدولة في العودة بمعدلات النمو الي مستوي ايجابي لائق يليق بمصر وثورتها التي يتوقع المراقبون أن تتغير بفضلها صورة مصر الاقتصادية وأن المواطن العادي سوف يجني ثمارا حقيقية للإصلاح بعد استقرار الأوضاع بشرط أن يعمل الجميع بضمير واع.. ونحسن اختيار القيادات لقيادة مصر خلال هذه المرحلة الحساسة من تاريخها. ان وجود د. فاروق العقدة خلال هذه المرحلة مطلب هام لاستكمال أجرأ وأكبر حركة إصلاح مصرفية في تاريخ البنوك المصرية. .. ويكفي أن الرجل يحظي بثقة كل من يتعامل معه.. وقد أثبت الرجل كفاءة منقطعة النظير خلال السنوات الماضية حيث تحمل عبء المسئولية بجدية وحزم وإصرار علي نجاح خطته لاصلاح وإعادة هيكلة البنوك التجارية العامة منذ نهاية عام 2004 بهدف خلق كيانات مصرفية قوية قادرة علي المنافسة محليا وإقليميا في إطار خطة قادها البنك المركزي لتطوير القطاع المصرفي. لقد بدأ د. فاروق العقدة في يناير 2005 التطبيق الفعلي للخطة الشاملة لاعادة هيكلة البنوك العامة ماليا واداريا لخلق كيانات مصرفية قوية قادرة علي المنافسة محليا وإقليميا.. وقامت هذه البنوك بتنفيذ خطة محددة المعالم والتواريخ تم إعدادها ومتابعة تنفيذها من خلال وحدة إعادة الهيكلة لتطوير كافة الإدارات والنظم التكنولوجية واستحداث ادارات جديدة. تم الاتفاق مع المفوضية الأوروبية لتمويل عملية تقييم وتطبيق أفضل الممارسات الدولية لبنكي الأهلي ومصر وذلك لثلاث ادارات حيوية هي : إدارة المخاطر.. وإدارة النظم التكنولوجية والمعلومات.. وادارة الموارد البشرية .. وتم تعيين استشاريين دوليين في أكتوبر 2005 للقيام بهذه المهمة حيث تم اختيار "ABN AMRO" لبنك مصر .. و "ING BERRING" للبنك الاهلي. خضع البنكان لعمليات تدقيق ومراجعة شاملة طبقا للمعايير المحاسبية الدولية عن طريق مكاتب مراجعة دولية مع التركيز علي تقييم جودة الاصول وتحديد الفجوة في المخصصات.. وذلك بناء علي المعايير التي تم وضعها من قبل وحدة اعادة الهيكلة بالاتفاق مع البنك الدولي.. وتم تعيين قيادات وكوادر مصرفية شابة متميزة بهذين البنكين من خلال صندوق تطوير القطاع المصرفي بالبنك المركزي الوارد بقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد. البداية كان د. فاروق العقدة قد تم اختياره محافظا للبنك المركزي المصري في بداية ديسمبر من عام 2003 في ظل ظروف حرجة للغاية وصعبة في آن واحد حيث كانت السوق المصرفية وقتها تعاني حالة من التردي لم تشهدها البلاد من قبل.. وكانت أوضاع سوق الصرف هي الشغل الشاغل للحكومة حتي أن البعض قد قالوا تندرا: "إن هذه السوق قد فلت عيارها لدرجة لم تعد تجدي أو تفلح معها أية مسكنات حيث لاحديث الا عن الدولار والسوق السوداء والتعثر والمتعثرين. .. وكانت حكومة د. عاطف عبيد رئيس وزراء مصر آنذاك تعقد اجتماعات ولقاءات ومؤتمرات.. وتصدر القرارات فإذا بها مرة تأمر بمنع صرف الدولار إلا بشروط ثم تعود لتأمر بفتح خزائن البنوك وصرف الدولار لمن يريد بغير حساب فغرف من غرف.. وامتنع من امتنع.. وكانت هذه القرارات التي يتخذها د. عبيد قد تفتق بها ذهن جهابذة الاقتصاد الذين يتحالف معهم د. يوسف بطرس غالي ود. محمود محيي الدين إلا أنه رغم كل ماتم اتخاذه من قرارات فان "الدولرة" وأزمة الدولار وعشوائية سوق الصرف لم يرتدعوا.. ولم تنجح الاجراءات ولا القرارات أو الاجتماعات من جانب اتحاد بنوك مصر والحكومة والمركزي معا في كبح جماح هذه الازمة المعضلة التي تؤثر سلبا علي كل شئ وترفع أسعار أي شئ. بعد ذلك تمت الإطاحة بإسماعيل حسن محافظ البنك المركزي آنذاك وتعيين الضعيف د. محمود أبو العيون محافظا للبنك المركزي.. وانتهي الأمر باجتماع موسع بالاسكندرية حضره جميع قيادات البنوك العاملة في مصر دعا اليه رئيس اتحاد بنوك مصر أحمد البردعي وقتها بمباركة ومشاركة من د. عاطف عبيد رئيس وزراء مصر وشريكيه "جو .. وحوده" لحل المشكلة التي استعصت علي الحل.. وكانت النتيجة لاشئ!! ففي كل اجتماع كانوا يخرجون علينا بقرارات مغايرة أو مشابهة لسابقتها لاتختلف عن لاحقتها حتي صدر القرار 506 الشهير ثم الغاء القرار 506 والأوضاع لاتزال كما هي بلا تغيير حتي بعد أن قاموا بتحرير سعر الصرف.. وانشغلت الحكومة وقتها بهذه الأمور.. وكأنها حكومة جاءت من أجل الدولار.. وأسعار سوق الصرف لدرجة شغلتها عن متابعة أشياء كثيرة كان يمكن ان تغير من الأمور الكثير لو أنها بدأتها مبكرا مثل النظر الي المستقبل وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتنمية لتحقيق الرخاء وتوفير فرص عمل حقيقية وفاعلة لشباب مصر الذي فقد الامل في كل شئ حوله حتي انفجر ثائرا في25 يناير ضد النظام بأكمله. فجأة وبلا مقدمات تم استبعاد د. محمود ابوالعيون وجاءوا بفارق العقدة محافظا للبنك المركزي فكان كالطبيب الماهر الذي نجح في تشخيص الداء وحدد الدواء.. وتساءل: لماذا نخفي رءوسنا في الرمال كالنعام.. ولماذا لانواجه واقعنا ومشكلاتنا الحقيقية؟!! بدأ د. العقدة بسلسلة من الاجراءات.. واذا بالحكومة التي كانت لاحديث لها الا عن الدولار وسوق الصرف تنسي الموضوع تدريجيا.. ثم حدث ان ذهبت وجاءت حكومة جديدة برئاسة د. أحمد نظيف لتبدأ عملها خالية الذهن تاركة هذه الأمور للبنك المركزي الذي اصبح قويا وقادرا علي حل المشكلات التي تعترض أسواق النقد.. ونجح بالفعل في التفاعل مع الحكومة لتحقيق وتنفيذ سياسات كبري الا انه واجه حروبا وصعوبات من جانب اعتي وزيرين بالحكومة وهما د. يوسف بطرس غالي وزير المالية.. ود. محمود محيي الدين وزير الاستثمار وعدد من رجال الاعمال أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي المنحل. كان د. فاروق العقدة لايلعب سياسة ولايحب ان ينتمي لاي شللية أو تيارات ولايجامل في عمله.. وقد سعي وحارب وجاهد من أجل تحقيق استقلالية البنك المركزي.. ونجح في انتزاعها انتزاعا من جانب الرئيس السابق.. وزاد أعداؤه من ضراوة حربهم ضده مستخدمين كافة الوسائل للسيطرة عليه أو التدخل في عمله او لاقصائه وقد فشلوا في كل ماسعوا اليه بعد ان حاولوا بشتي الطرق واستخدموا كل ماأوتو من قوة ودبروا المكائد للتخلص من الرجل ناهيك عن الضرب تحت الحزام حيث لم يتركوا فرصة للكيد له الا وأحسنوا استغلالها جيدا.. لكن الرجل كان قويا صلدا كالفولاذ لاينكسر ولايتزعزع ايمانه بالله فهو القائد القوي الشكيمة المحنك الذي نجح في فرض سيطرته واحكام قبضته علي البنوك واضعا يده علي مجمل المشكلات والعيوب ونقاط الضعف فملك زمام أمره ولانت له كل المعوقات التي استعصت علي غيره من جهابذة الاقتصاد والبنوك. لقد مر د. العقدة بتجارب كثيرة وحروب ضارية أراد اصحابها النيل منه والحاق الضرر به وافشاله في مهمته أو تطويعه لارادتهم الهدامة الا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل ودفع ثمنها من دمه واعصابه وراحته.. إنه خادم أمين لبلاده لكنه أبدا لم يسع يوما الي سلطة أو جاه فكثيرا ماخرجت علينا الشائعات ترشحه لرئاسة وزراء مصر لكن كان يعلن دائما للمقربين منه انه لايريدها ولايسعي وراء أي سلطة وأنه يحلم باليوم الذي يرتاح فيه بعيدا عن المناصب التي هو فيها زاهد. إنه المسئول الوحيد في مصر الذي اعتلي هذا المنصب بلا ضجيج.. ولايهوي الحديث عن نفسه او ماذا يريد ان يعمل لكنه يترك انجازاته تتحدث عنه.. ومع ذلك لم يسلم الرجل من الالسنة والاقلام الهدامة التي تنادي بغير الحق وتلصق به ماليس فيه.. لكن التاريخ سوف يحكم علي الرجل بما له وماعليه ومافعله من أجل مصر.