أمس الأول.. كنا علي موعد مع مثال صارخ جديد للاستهتار بأرواح البشر وبالإجراءات الأمنية المتبعة لحماية الدولة ومؤسساتها وشعبها.. ومع شهيد آخر من الشرطة يزف للسماء وهو في ريعان الشباب. أعلي نفق العروبة بشارع صلاح سالم يوجد كمين أمني يتمركز بعد منتصف كل ليلة لمنع المرور في اتجاه قصر الاتحادية.. وهذا شيء مألوف ومعروف للجميع. فجأة.. اقتحمت الكمين سيارة مرسيدس.. أطاحت بالحواجز الحديدية وبضابطي شرطة ولم توقفها سوي الجزيرة الوسطي.. ألقي القبض علي قائد السيارة وتبين أنه منتج سينمائي مخمور وتم نقل الضابطين إلي المستشفي حيث فاضت روح النقيب زياد حمدي من قوة قسم مدينة نصر ومازال زميله النقيب كريم الغرباوي تحت العلاج والملاحظة.. شفاه الله وعافاه. قرأت الخبر أولا علي الفيس بوك ثم تأكدت منه.. وعلمت أن المتهم القاتل المخمور هو ابن الكاتب الصحفي الكبير الراحل موسي صبري.. وبالطبع فإن رواد الفيس كالوا الشتائم للمتهم ووالده وأسرته كلها ومن المؤكد أن الاستاذ موسي صبري لا ذنب له ولا يستحق الشتم فهو الآن في ذمة الله وكان في حياته صحفيا لامعا له تلاميذه ومريدوه في مؤسستي أخبار اليوم ودار التحرير وأنا منهم وأن لم أتعامل معه مباشرة. بعيدا عن الأب والأسرة.. فإن لنا الحادث والمتهم وجرائمه التي تغلفها عدة صفات.. جنائية وأمنية وأخلاقية ومجتمعية ونفسية في آن واحد. * جنائية.. فقد ترتب عليها استشهاد نقيب شاب كان أمل أسرته.. لم يرتكب جرما بل كان يقف حاميا للدولة ومؤسساتها والشعب نفسه.. كان يؤدي عمله بإخلاص وتفان والناس آمنون في نومهم أو سهرهم.. إضافة إلي إصابة نقيب آخر علي نفس المنوال.. فهل هذا هو ذنبهما..؟ * وأمنية.. لأن هذا "الأفندي المخمور" اقتحم الكمين وضرب عرض الحائط بإجراءات أمنية واجبة في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن.. وكان من الممكن أن يتعامل أفراد الكمين "امنيا" معه ووفق القانون بإطلاق النار عليه وتصفيته في الحال.. ليتهم فعلوا ذلك واراحونا من هذه الأشكال العكرة.. يمكن كانت نار أسرة الشهيد بردت شوية. * وأخلاقية.. لأن "البيه" المنتج السينمائي كان مخمورا وتفوح من فمه رائحة الخمر.. مع هذا أن يكون إنسانا منحلا فهو حر في نفسه ومع الله.. لكنه ليس حرا أبدا في أن يقود سيارته وهو بهذه الحالة ويدوس علي رقاب الناس. * ومجتمعية.. لأن هذا الحادث ومادونه بقليل أصبح يتكرر من الفنانين بالذات.. وكلهم يقودون سياراتهم وهم سكاري "طينة".. صحيح ان الحوادث السابقة لم تتعد الكلام المتجاوز.. ولكن حادث العروبة "عدي" نطاق الحوارات الفجة والكلمات المتبذلة إلي القتل.. وهو ما يهدد أمن وسلام المجتمع كله. * ونفسية.. لأن هؤلاء الفنانين - وأقصد المنفلتين فقط - يعتبرون أنفسهم فوق البشر ومن نطفة غير باقي الناس.. والأدهي أنهم يجدون من يدافع عنهم من نقاباتهم ومن رافعي شعارات الحرية الجوفاء ومن بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي.. واسأل كل هؤلاء: هل اقتحام الأكمنة الأمنية "حرية"؟؟.. هل التعامل بوقاحة مع أفراد الكمين "حرية"؟؟.. هل قتل هؤلاء الأفراد تحت السكر البين "حرية"؟؟.. لا ياسادة.. انه استهتار وعنجهية فارغة تحتاج إلي محللين نفسيين يفسرون لنا بشكل علمي هذه الظاهرة وسبل مواجهتها. من المؤكد أن هذا المتهم المستهتر المنحل سيقدم للمحاكمة وسيسجن.. لكن ماذا استفادت أسرة الشهيد من سجنه.. وماذا استفادت مصر بعد فقد ابن من أولادها بهذه الطريقة..؟؟ هو بقي الإرهاب وسكاري الفنانين "ايد واحدة" ضد الشرطة والا ايه..؟؟