لابد أن كبار المفكرين والكُتَّاب والمثقفين الذين التقي بهم الرئيس السيسي أول أمس. يشعرون الآن أنهم في ورطة. لم يتوقعوا أن تكون خلاصة هذا اللقاء. قبل كل شيء. لهم جميعاً مني كل الاحترام والتقدير. كقامات مصرية رفيعة نفخر بها. ورموز لقوة مصر الناعمة. هذه جملة ضرورية. حتي لا يُساء تفسير ما أكتبه عنهم. أو عن اللقاء. أتوقع أن مَن حضروا منهم هذا اللقاء. ذهبوا وتصوُرهم عن وقائعه أن الرئيس سيتيح لكل منهم الفرصة ليقول ما عنده فيما يشاء طرحه من قضايا أو إبدائه من آراء وملاحظات. أو تقديمه من أفكار ومقترحات. وأن الرئيس سوف يستمع إليهم. وهو يجيد الاستماع. وسوف يرد علي بعض ما أثاروه. وسيشرح ويوضح الصورة بما لديه. وخفي عنهم. من معلومات أو زوايا.. وقد يَعِد بالأخذ ببعض ما سمع. ثم يشكرهم وينتهي اللقاء. ولا أظن أنهم توقعوا أن يخرجوا من الاجتماع ب"تكليف" بعمل.. فهم لم يعتادوا ذلك في لقاءاتهم بالرؤساء السابقين. لكن.. ما لم يتوقعوه حدث. استمع الرئيس إليهم. واستمعوا إليه. ثم طلب منهم في النهاية أن يشكلوا "مجموعات عمل" من بينهم. تضع تصوراتهم ورؤاهم حول القضايا التي طُرحت علي مائدة الاجتماع. وكيفية حلها أو مواجهتها. علي أن يتكرر اللقاء بعد شهر لاستعراض ما انتهوا إليه. الرئيس تعامل بذكاء شديد في هذا اللقاء. ألقي الكرة في ملعب ضيوفه. أو أعادها إليهم. فليس دور المفكرين والكُتَّاب والمثقفين طرح المشاكل. والآراء والنقد فقط. ووجهات النظر "الفردية" ليست السبيل الأفضل لمواجهة المشاكل. أو تقديم الحلول. ولابد أن يكون هؤلاء الرواد "شركاء" في تحمل المسئولية وصناعة السياسات والقرارات المهمة في هذا البلد. بفكرهم وخبرتهم الهائلة. أليس هذا ما يطالبون به كل يوم؟! لقد جاء المفكرون والكُتَّاب والمثقفون إلي الاجتماع "فرادي" وتصوروا أن ينصرفوا منه إلي بيوتهم فرادي كما جاءوا. لكن السيسي فاجأهم بأنهم سيخرجون "جماعة". ووضعهم أمام عدة إجراءات بسيطة. لكنها بالنسبة لهم ليست كذلك. تشكيل مجموعات عمل.. أي عليهم أن يلتقوا ليتفقوا عليها.. متي. وكيف. ومَن مع مَن في أي قضية؟! ثم علي مجموعات العمل هذه أن تجتمع كل علي حدة. وأن تضع لنفسها جدول أعمال. وأن يجتهد كل عضو في تقديم رؤيته ومقترحاته للمجموعة التي تلتقي لمناقشتها ووضعها في الصيغة النهائية الملائمة. وأن تتضمن هذه الأوراق حلولاً ومقترحات. وليس مجرد تشخيص للمشاكل.. إلي آخره. بدلاً من الطنطنة بالشعارات. وانتقاد كل شيء علي شاشات الفضائيات. برافو السيسي.. عرف كيف يلعب مع فريق من المحترفين.