إن هذه الأم العظيمة أكرمها الله بنبيين كريمين. هما موسي وهارون علي نبينا وعليهما الصلاة والسلام وقد ذكرها الله في سورة القصص هي وابنتها أخت موسي حين قص علي رسولنا صراعه مع فرعون. فقال تعالي: "نتلوا عليك من نبأ موسي وفرعون بالحق لقوم يؤمنون". وكان فرعون لعنه الله يذبح أبناء بني إسرائيل الذكور. كما قال تعالي: "إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين" فأراد الله أن يرفع هذا الذل عن بني إسرائيل "ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" فدبر لهم هذا الأمر. كما قال: "وأوحينا إلي أم موسي أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين" وكانت الخطة التي أرادها الله وأوحي بها إلي أم موسي. هي أن تذهب إلي نجار ليصنع لها تابوتاً من خشب تضع فيه هذا الوليد. ثم تدق مسماراً في التابوت. وتربط المسمار بحبل. وتربط الحبل في وتد تدقه في حجرتها المطلة علي النيل مباشرة. بحيث لو شعرت برجال فرعون وخافت علي ولدها. وضعته في التابوت. ثم دفعته في الماء. فلو فتش جنود فرعون المكان لما وجدوا شيئاً. ثم إذا انصرفوا سحبت الحبل. فيأتي بالتابوت وفيه الغلام. وهكذا إذا شعرت بالخطر في كل مرة. ولكن الله أراد أن تنسي أم موسي ذات مرة حين جاء جند فرعون ففزعت فدفعت التابوت وفيه موسي في اليم. ونسيت أن تربط حبل التابوت في الوتد. فصار التابوت في اليم متجهاً إلي بيت فرعون. فلما ذهب رجال فرعون وأطمأنت. ذهبت لتسحب الحبل. فوجدت نفسها قد نسيت أن تربطه بالوتد. فجن جنونها. وكادت تصرخ وتحكي للناس القصة. ويفتضح الأمر. ولكن الله ربط علي قلبها "وأصبح فؤاد أم موسي فارغاً إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا علي قلبها لتكون من المؤمنين" ولكنها طلبت من ابنتها أن تبحث عنه بأي طريقة. وفعلاً دلها الله عليه بعد أن التقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً.