منذ أيام تحدث الدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة عن مشروع ضخم لتطوير ميدان الأوبرا. يتضمن المشروع كما قال الدكتور المحافظ.. هدم فندق الكونتننتال الشهير وإقامة مدينة فندقية سياحية تجارية علي أحدث طراز. بصراحة ضحكت كثيرا وأنا أتابع حديث تطوير ميدان الأوبرا فهذا الكلام ليس جديدا.. ولكن مضي عليه أكثر من 25 عاما.. عندما دعانا فؤاد سلطان وزير السياحة في ذلك الوقت وأيضا كمال قنديل الذي كان رئيسا لمجلس إدارة شركة الفنادق المصرية المالكة لفندق الكونتننتال. لكي نحضر حفل تدشين مشروع إنشاء فندق جديد علي مساحة أرض فندق الكونتننتال. تضمن الحفل عرض ماكيت ضخم يوضح المشروع بعد اقامته.. وظللنا نستمع إلي شرح المهندسين المصميين.. وأعقب ذلك مؤتمر صحفي وحفل عشاء فاخر بفندق شيراتون هليوبوليس وكان أهم سؤال دار في الأذهان.. هو كيف ستتصرف الشركة المالكة مع أصحاب المحلات التجارية أسفل الفندق وفي ممر الكونتننتال.. وعددهم كبير.. وتركهم لمحلاتهم أمر صعب بل مستحيل.. وقيلت لنا إجابات عديدة متفائلة بأن الشركة ستلجأ إلي القضاء لمطالبة أصحاب المحلات بإخلاء محلاتهم.. ويبدو أن القضايا رفعت فعلا.. ولكن لا أعرف ماذا حدث فيها لأن الوضع السائد في الممر وفي الفندق مازال كما هو لم يتغير منذ أعلن عن هذا المشروع أي منذ 25 عاما.. وحتي وبفرض أن هناك أحكاما صدرت بالإخلاء.. فإن التنفيذ ليس سهلا إذ يتطلب إجراءات أمنية معينة.. وفي جميع الأحوال فإن إخلاء المحلات يتطلب دفع تعويضات معينة.. وأذكر يومها أن التعويضات المطلوب دفعها وصلت إلي عدة ملايين.. وكانت مبالغ معقولة بالقياس لما هو الآن. ولكن الشركة رفضت الدفع بسبب أو لآخر.. وطبعا لم تدفع وبالتالي لم يتم الإخلاء ولم ينفذ المشروع.. أما الآن فإذا كانت هناك رغبة حقيقية لتنفيذ مشروع تطوير ميدان الأوبرا فإن الأمر سيتطلب دفع تعويضات ولكن هذه المرة ستكون التعويضات مضاعفة. ولهذا فإنني اتساءل.. ما هي الخطوات الجادة لتنفيذ هذا المشروع العملاق.. هل تم اتخاذ الإجراءات مع شاغلي المحلات والورش..؟ وهل تم اعتماد التعويضات اللازمة؟ أخشي أن يكون كلام محافظ القاهرة مساويا لكلام وزير السياحة الأسبق ورئيس الشركة المالكة للفندق وبالمناسبة إذا كان ممر الكونتننتال والفندق لهم مالك هي شركة فنادق.. فما هو دور محافظ القاهرة؟ هل لأنه هو الذي سيمنح التراخيص.. أو أن المحافظة دخلت شريكا مع الشركة. وبالمناسبة فإن فندق الكونتننتال من الأماكن التاريخية وقد شهد أحداثا جساما مع مر التاريخ.. فعندما أمر الملك فؤاد بحل مجلس النواب سنة 1925 في نفس يوم انعقاده قرر النواب برئاسة سعد باشا زغلول عقد الاجتماع في فندق الكونتننتال بعد أن منع الأمن الأعضاء من عقد اجتماعهم داخل البرلمان.. كما كان زعماء مصر وكبار السياسيين يعقدون جلساتهم في هذا الفندق.. بالإضافة إلي أنه مصدر للمعلومات لكبار الصحفيين. وفيما يبدو فإن المسئولين المصريين.. لهم تفكير خاص قد يبتعد كثيرا عن الواقع.. أو أن تفكيرهم وقراراتهم يتم اتخاذها في أغلب الأحيان بدون أي دراسة.. أو بحث.. أقول هذا الكلام بمناسبة ما أثير منذ سنوات عن رغبة فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق في إعادة تطوير ميدان الأوبرا.. ودار تفكيره علي أساس هدم جراج الأوبرا وإخلاء المحلات من شاغليها علي أساس أنهم شاغلون بنظام حق الانتفاع لمدد معينة ولنا أن نتصور كيف يكون تنفيذ مثل هذا التفكير.. وكيف يتم هدم الجراج بطوابقه المتعددة كيف يمكن إخلاء أكثر من مائة محل تجاري.. بجرة قلم؟ ورغم أن هناك بعض الأصوات التي أيدت تفكير الوزير الأسبق إلا أن التفكير كان غريبا لأنه اتسم باللامعقولية.. وطبعا المشروع نام وكانت الفكرة مجرد دخان في الهواء. والواقع أن تفكيرنا عادة يتسم باللامعقولية لأنه يصدر تلقائيا وعفويا وبسرعة.. طبعا ليس في معظم الأحوال.. ولكن في بعضها.. وفي ضوء ذلك فإن قرار تحويل مبني الأوبرا القديم إلي جراج متعدد الطوابق كان غريبا بالفعل.. ولكنه ينفذ.. وأصبح حقيقة واقعة رغم عدم معقولية انشائه في هذا الموقع. وفي إطار اللامعقولية في أحاديث المسئولين فإن وزير السياحة الحالي بدلا من ان يركز جهوده في ايجاد وسائل لاحتواء أزمة السياحة في مصر.. راح يتحدث في أمور تخص وزارات أخري فراح يتحدث مثلا عن تأمين المطارات في حين أن لها وزيرا نشطا وهيئات متعددة خاصة بالمطارات.. المصرية كلها وأيضا فإن كافة المطارات تخضع للتعليمات الدولية والتفتيش الدائم وبالتالي فإنه بالتأكيد لا يعلم ما يعلمه المسئولون عن الطيران.. ثم يتحدث مرة أخري عن إعفاء شركات الطيران من رسوم الخدمات الأرضية.. وهذا ايضا ليس من اختصاصه. يا دكتور زعزوع أنت وزير سياحة مهمتك رسم السياسة السياحية واحتواء الأزمات.. ولست وزيرا للطيران واعتقد أن وزير الطيران الحالي يعرف الكثير والكثير.