في حياة الأمم فترات تحتاج جمع الكلمة. وتنحية الاختلافات والأغراض الشخصية. وبذل أقصي الجهد من أجل أن تمضي الحياة للأمام. وأن وقت الأخطار في مسيرة أي أمة في أشد الحاجة إلي تضميد الجراح ونبذ الخلافات والانصياع لصوت العقل والحكمة. بالإضافة إلي السيطرة علي أي نوازع لإثارة الأحقاد والضغائن. و سد الأبواب أمام دعاة الفتنة لشرذمة الأمة وتفتيت الجهود. وليتنا ندرك هذه الحقائق خاصة في تلك الظروف التي تمر بها مصر العزيزة. وليتنا نتعلم من دروس الماضي. ما يجعلنا نستوعب نتائجها بحيث تمضي السفينة إلي بر الأمان بعد أن قيض الله لها النجاح بقدرته ومشيئته. ولولا نصر الله وتأييده لما نجحت الجهود في زلزلة هذا العرش الذي دعم أركان نظامه علي أساس من القوة وإخماد أي صوت يرتفع مهما تكن الحقيقة التي ينادي بها. لكن قدرة الله هي التي أعجزت البشر وكانت النصرة الكبري في سقوط رموز الفساد والتي قلما يحدث مثيلها علي مدي التاريخ. ليتنا نتأمل هذه النتائج وأثار هذا التأييد من رب العباد والابتعاد وبكل ما في استطاعتنا من قوة وإرادة عن الخلافات والنزاعات التي لنا تقوض ما وصلنا إليه من نتائج كانت ولا تزال مثار حديث العالم في شرقه وغربه. وسرعة سقوط النظام الذي تمرس علي القوة أذهلت الدنيا وجعلتنا جميعاً نردد قول الله تبارك وتعالي في سورة آل عمران "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء. وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير. تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب" 26. 27 آل عمران. ليت أولي الأبصار يعتبرون بهذه الإرادة الإلهية التي وقفت بجانب هذه الصحوة الشعبية. وليتنا نتخلي عن أغراضنا الشخصية ونتحلي بالصبر والحكمة ولا نجعل الاختلاف في الرأي وسيلة للشقاق وهدم ماوصلنا إليه من نتائج والضرب علي يد كل من تسول له نفسه بث الفرقة وزعزعة استقرار هذا البلد الذي سوف يستمر أمناً بإذن الله وتوفيقه. لعلنا نتأكد وندرك أن هذا الشقاق والاختلاف أو الطريق نحو الفشل . وصدق الله العظيم إذ نبهنا جميعاً وأمتنا ورسولنا من قبل بأن الخلاف والنزاع لا يسفر إلا عن الفشل بقول ربنا في سورة الأنفال "أطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" 46 الأنفال. فعلي كل الأطراف وقف نزيف الخلافات ووقف المجادلات والمناقشات التي تساهم في توسيع هوة النزاع وتؤدي إلي طريق مسدود وتفتح أبواب الشر من كل حدب وصوب. ونظل محلك سر. لا شك أن الصورة الحقيقية لما يجري علي أرض الواقع تثير الأسي والحزن وتبعث في النفس الاستياء ولا تبشر بأي نزعة نحو التفاؤل لأن الكل في شغل فاكهون وكل يقدم الحجة والأسانيد التي تبرر له موقفه ووجهة نظره وكأن الأطراف الأخري لابد أن تستجيب لرأيه لكن الواجب يحتم أن نتوقف عن تلك الأساليب فها هو سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. قد ترامي إلي مسامعه وهو داخل بيته الخلافات والنزاع بين أصحابه حين استطاع أحد دعاة الفتنة أن يوغر الصدور وتذكير أبناء المدينةالمنورة بما كان بينهم من حروب وما ثار في ذلك الوقت من أقوال وأشعار وكادت الخلافات تشق وحدة الصفوف التي جمعت هذه القلوب وألفت بينها بحيث أصبح الجميع أخوة متحابين وأبهروا الدنيا بأسرها في وحدتهم ووقوفهم خلف سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. وحين تعالت الأصوات وأخذ كل واحد يردد مآثر قومه خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يقول: "أهكذا وأنا بين ظهرانيكم. لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" ونهر الجميع ونهاهم عن هذه الأساليب الهدامة وقد عادوا فوراً إلي مسيرة وحدة الصف وتناسي الجميع نوازع الشقاق وتعانق الجميع في صدق ومصارحة ومحبة وود لا يعرفون التراجع عن هذا الطريق. لعل هناك من يبادر بأن يقول ويتساءل: "أأنت تقف فينا خطيبا. وتستدعي لنا من تاريخ الأمة الإسلامية بعض ما دار في ذلك الزمان البعيد. لسنا في حاجة لذلك نريد استعادة حقوقنا ولن نبرح موقعنا حتي تستجاب مطالبنا. لكنني أبادر قائلاًًً: من يستوعب دروس التاريخ والسابقين وتجارب الآخرين فلن يصل إلي تحقيق أهدافه. إنما بالعمل والصبر والحكمة والتعالي فوق الخلافات هو الذي يجعلنا نحصد الثمار ونجني النتائج في أقصر وقت "إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد" يا قوم أدعوكم إلي النجاة. والاستماع إلي صوت العقل والحكمة والله يهدينا جميعاً إلي صراط مستقيم. دعاء "اللهم اكفني ما أهمني وما لا أهتم له. وما أنت أعلم به مني. عز جارك. وجل ثناؤك. ولا إله غيرك. اللهم زودني في التقوي. وأغفر لي ذنبي. ووجهني للخير أينما توجهت رب أجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي. ربنا وتقبل دعاء. اللهم أرحم والدي كما ربياني صغيرا".