نؤيد تماماً التصريحات الرسمية المصرية بأن ما يحدث في إقليم "الأورومو" بأثيوبيا شأن داخلي لا علاقة لمصر به من قريب أو بعيد.. ونتحفظ علي التصريحات غير المسئولة وغير اللائقة المنسوبة لأكثر من مسئول أثيوبي التي تتهم مصر- زوراً وبهتانا- بإشعال ثورة عرقية في الاقليم الاثيوبي المتاخم للسودان باعتبار أن "سد النكبة" يقام علي أرض القطاع الاثيوبي من اقليم "أوروميا". وصل التضليل ببعضهم أن يقول إن مصر استغلت رابطة الدين بينها وبين "الأورومو" المسلمين وحرضتهم علي الثورة.. وهذا يجافي الحقيقة.. فالأورومو ليسوا جميعا مسلمين بل يدين ثلثاهم فقط بالاسلام.. والباقي يدين بالمسيحية أو بعقيدة وثنية تعرف باسم "الجوشية".. بما يعني أن الثائرين ليسوا من المسلمين فقط بل يشارك في هذه الثورة الشعبية كل طوائف الأورومو. وهم عدة قبائل من المسلمين والمسيحيين والجوشيين وتقمعهم القوات الحكومية بوحشية وسط تعتيم إعلامي متعمد. أما سبب الثورة فهو ضد ممارسة عرقية "الأمهرة" الحاكمة التي تعسفت كثيراً منذ مئات السنين ضد "الأورومو" بمختلف طوائفهم ودأبت علي مصادرة أراضيهم التي يعتبرها "الأورومو" مفهوماً مرادفا للعرض بل وللحياة نفسها وشردت الملايين منهم وأصبحوا "أجراء" بعد أن كانوا "أصحاب أرض". وتسعي الحكومة الاثيوبية دائما إلي اقتلاع "الأورومو" من أراضيهم ونهب ثرواتهم الطبيعية والزراعية وأراضيهم الخصبة وحتي متأجرهم. وتسليمها لقمة سائغة إلي "الأمهرة".. ولعلنا نذكر أن السبب الرئيسي للثورة.. تلك الخطة الأثيوبية لتوسيع زمام العاصمة أديس أبابا علي حساب أراضي "الأورومو".. بل إن التاريخ يحدثنا أن أديس أبابا نفسها كانت قبل عدة قرون إحدي حواضر "الأورومو" المزدهرة واسمها "فينشي" ثم استولي عليها "الأمهرة" وغيروا اسمها إلي أديس أبابا أو "الزهرة المتفتحة".. ونقلوا إليها عاصمة الحبشة بعد أن كانت في اقليم التيجراي- الذي يتبع إريتريا حاليا- وهذا الاقليم هو الذي كان مقر النجاشي في عهد الرسالة المحمدية والذي هاجر اليه المسلمون الأوائل مرتين هربا بدينهم. تتجاهل حكومة أديس أبابا هذا الواقع المرير وتبدأ في توزيع الاتهامات الباطلة. نحن في حقيقة الأمر أمام فلسطين أخري.. لكنها أفريقية هذه المرة. وهذا ما يفسر العلاقة المشبوهة بين النظام الأثيوبي وإسرائيل!!