آفة المجتمع المصري أن فكر إدارة الأزمات وهو "علم معترف به" في جميع أنحاء العالم غير معترف به لدينا رغم ان لدينا أساتذة كبار في هذا العلم ورغم قدرة هؤلاء علي وضع الحلول والتصور للخروج من الأزمات التي تواجه المجتمع من وقت لآخر إلا ان دورهم مازال غائباً باعتبارنا مجتمعات لا تهتم بالعلم عند مواجهة مشكلاتها. وأتعجب من وقف حملة الترويج لمصر سياحياً مع حادث الطائرة الروسية وأتعجب أيضاً من ضعف نشاط هشام زعزوع وزير السياحة في ملف الترويج السياحي مع القرار الروسي بتعليق السفر لمصر ووقف الرحلات إلي شرم الشيخ لأن السياحة المصرية ليست شرم الشيخ والغردقة وحدهما فالعالم لم يعرف شرم إلا في منتصف الثمانينيات عندما بدأت عمليات الإعمار وبناء المنتجعات الأمر الذي انعكس علي معدل ضخ الاستثمارات داخل المقاصد السياحية التقليدية مثل الأقصر وأسوان والقاهرة والاسكندرية والكثير من بلدان الصعيد التي تحتوي علي الكثير من المعالم الأثرية التي ترجع إلي حقب تاريخية عديدة تحتاج مريدي السياحة الثقافية. لذلك فالتعامل مع الأزمة يحتاج إلي أفكار مختلفة وعقول أكثر تحرراً وعمقاً في دراسة حل تلك الأزمة فلا انعقاد مجلس الوزراء في شرم الشيخ سيعيد إليها السياحة الروسية صاحبة النصيب الأكبر في زيارة تلك البقعة الرائعة من أرض مصر ولا العروض التي تقدمها مصر للطيران والفنادق ستحقق دخلاً بالعملة الصعبة لمصر يعيد التوازن إلي سلة العملات التي تعاني منذ ثورة يناير التي لا تجد معيناً إلا تحويلات المصريين بالخارج ودخل القناة المتراجع بسبب الركود العالمي والمساعدات التي تقدمها البلدان العربية الشقيقة.. صحيح ان السياحة الداخلية أمر هام في ظل تلك الأزمة لكنها لا تحقق قيمة مضافة لأن الإنفاق عليها يأتي من أموال داخلية وليس من الخارج. لذلك مطلوب علي وجه السرعة بعثات لطرق الأبواب يقوم بها رجال الأعمال في مجال السياحة وبالتعاون مع وزارتي السياحة والخارجية في مختلف الدول الصديقة لفتح أسواق جديدة وإعادة الحياة للسياحة الثقافية وتشجيع السياحة العلاجية وسياحة الاستشفاء والمؤتمرات لأن الارتكان علي السياحة الشاطئية والمنتجعات يجعل السياحة المصرية عرجاء كما يجب أن يبذل الملحقون الثقافيون في سفاراتنا مجهودا أكبر في هذا الملف. باختصار نحن نريد تحركاً للدولة المصرية بجميع أجهزتها. صحيح ان عنصر الأمن هو المحرك لباقي الأنشطة الاقتصادية لكن علينا أن نبدأ التحرك الجاد ولا نعتمد علي خبراتنا وحدها في مواجهة الأزمات لكن لابد وأن يكون للعلم مكان عند المواجهة.. فبالعلم والمال يبني الناس ملكهم ولا يبني ملك علي جهل وإقلال.