1⁄4 ارتفع صوت المضيفة الجوية داخل الطائرة. معلنة عن: لحظات وتهبط الطائرة في مطار القاهرة.. وفوجئ الركاب بهبوط غريب مع حركة غير عادية. ثم توقفت المحركات.. وحدث هرج ومرج. وفُتحت أبواب الطوارئ. وانزلق الركاب إلي خارجها.. وكانت المفاجأة أنهم وجدوا أنفسهم في طريق عام.. بعيداً عن صالات المطار.. هذا الكلام ليس نكتة. أو حكاية.. بل واقع.. فقد حدث في السبعينيات من القرن الماضي.. حين كانت طائرة روسية "سوفيتية في ذلك الوقت" قادمة من موسكو إلي القاهرة.. ورغم أن الوقت كان نهاراً. إلا أن الطيار ظن أن طريق المطار هو الممر الأرضي. فهبط فيه.. والحمد لله لم يصب أحد بسوء.. واضطر رجال الجمارك للإسراع إلي الطائرة لتطبيق النظام الجمركي علي أمتعة الركاب. التي لم تكن قد خرجت بعد من مخازنها.. بينما ابتعد الركاب جرياً ليبعدوا عن الطائرة.. خوفاً من حدوث أي كارثة. ولكن الله سلم. المهم تذكرت هذه الحكاية الواقعية. والتي تذكرتها عند سقوط الطائرة الروسية في سيناء.. ولأنني شاركت في التحقيق صحفياً لعدة حوادث طيران وعلي ما أتذكر حكاية الطائرة الباكستانية. وطائرة أخري هولندية. وكلتاهما كانتا في بداية الستينيات. وسقطتا في مدينة نصر. وعلي ما أعتقد في منطقة "السراج مول" حالياً. والتي كانت جبالاً وتلالاً فيما مضي.. بالإضافة إلي تلك التي سقطت فوق مصنع في بانكوك. أو التي تحطمت في طرابلس بليبيا.. ولهذا فإنه بمجرد حدوث حادث لطائرة أتوقع.. كما قيل لنا في الماضي.. أن سر الحادث يموت مع موت الطيار. ولهذا فإن كل ما يقال عن أسباب أي حادث طيران لابد أن يستند إلي وقائع.. وهذه الوقائع تستمد من أحد الناجين من الحادث. إذا كان هناك ناجون. أو بفحص وتحليل الصندوق الأسود. الذي يعتبر المرجع شبه الوحيد لأي حادث. خصوصاً إذا كان سليماً. وبصفة عامة. فإن أي حادث طيران لا يخرج عن أربعة افتراضات.. إما عيب فني لا يمكن تلافيه. حتي الوصول لأقرب مطار. أو خطأ بشري. أي أن يكون خطأ من الطيار. أو حادثاً مدبراً من الخارج. أو حدوث انفجار داخلي.. وقد يكون انفجاراً مدبراً. أي يكون إرهابياً. أو انفجار آلات الطائرة. نتيجة أي سبب فني. وبالنسبة للطائرة الروسية المنكوبة.. فقد سارعت جماعة داعش إلي الإعلان "كذباً" عن مسئوليتها عن تنفيذ الحادث.. وكالعادة سارعت أيضاً أجهزة الإعلام الغربية إلي إذاعة هذا الإعلان الكاذب.. وسر كذبه هو استحالة إصابة الطائرة بصاروخ من الخارج.. لأنها كانت علي ارتفاع شاهق "31 ألف قدم" كما أنه كان يمكن مشاهدة جسم غريب يلاحق الطائرة في أجهزة الطائرة. وهذا لم يحدث.. إذن هذا الادعاء كاذب لاستحالته.. كما أن كل سيناء موضوعة تحت سيطرة الأمن. أما الفرض الثاني.. هو وضع متفجرات داخل الطائرة. فهذا أيضاً مستحيل لأن الإجراءات الأمنية المتبعة لتفتيش الحقائب تكون دقيقة للغاية. وتمر بعدة مراحل. ويشارك فيها عادة أمن من الشركة الناقلة. .. والحقيقة أن إعلان داعش يهدف أساساً إلي الإضرار بمصر. وضرب السياحة في مقتل. ومن جهة أخري لكي تُبين الجماعة للحكومة الروسية أنهم مازالوا موجودين!!.. رغم ضرب الروس لهم في سوريا. عموماً.. فقد تسربت بعض التكهنات من أن الطائرة لم تكن خاضعة تماماً للصيانة. التي يجب أن تتوفر لكل طائرة عقب وصولها. وقبل إقلاعها ثانية.. لسبب بسيط هو أن أسعار السفر بها متناهية في الرخص. وبالتالي فهم "أي أصحابها" يبذلون قصاري جهدهم في الإقلال من النفقات. وفي معظم الأحيان لا يقدم علي هذه الطائرات أي مشروبات. أو مأكولات. والواضح أن هذه الطائرة كانت من هذا النوع. خصوصاً أن هناك بعض التقارير التي أشارت إلي أنها سبق وتعطلت أكثر من مرة.. وأنها تعطلت في مطار شرم الشيخ في رحلة سابقة. لعدة ساعات. ولكن في جميع الأحوال لا يمكن استباق الأحداث. ومعرفة سبب الحادث. وكما ذكرت بأن أسرار حوادث الطائرات تموت. ولا تُعرف عندما يموت قائد الطائرة الذي لديه كل أسرار وتفاصيل كل ما يحدث للطائرة منذ لحظة تحركها علي الأرض.. وعلي هذا فلم يعرف مثلاً أسباب سقوط الطائرة المصرية في المحيط أثناء عودتها من نيويورك. وكذلك حادث اختفاء الطائرة الماليزية. ولم يعرف ماذا حدث لها.. وإن كان البعض قد ذكر رؤيتهم لقطعة من الطائرة طافية علي سطح المحيط.. ولكن هذا الكلام لم يتأكد. وتتكرر نغمة الأسباب كلما وقع حادث لطائرة ما.. ولكن الأسباب الحقيقية عادة لا تأخذ طابع اليقين. إلا بعد تحليل وفحص التسجيلات المسجلة في المطار وفي الصندوق الأسود. والواقع أن أي كلام يثار حول حادث الطائرة الروسية هو كلام مُرسل. لأن الحقيقة لم تظهر بعد لأن التسجيلات المسجلة في صندوقي الطائرة لم تنته بعد.. وكل حرف تم تسجيله في الصندوق يحتاج إلي دراسة وتحليل.. ولهذا فأنا أتعجب عندما تصدر بعض الدول قرارات بخصوص هذا الحادث. في حين أنها مبنية علي الكلام الكاذب الذي ادعته جماعة داعش.. والغريب أن ما يثار من أقاويل ضد مصر. مهما كان كاذباً. فإنه علي الفور تتلقاه أجهزة الغرب وتضعه في صورة كأنه حقيقة في حين أن دولاً كثيرة تتعرض لحوادث أكثر خطورة. مما يحدث في مصر.. ولكن لا يسمع أحد لها طنطنة. أو اتهامات.. إذ سرعان ما يغلق علي الحوادث بالضبة والمفتاح.. أما مصر.. فإن أبسط حادث تثار حوله الكثير من المغالطات المؤثرة سلباً.. إنه الظلم بعينه!!