لن اتحدث عن قذارة أمريكا والتي تفعل كل شيء وأي شيء يحقق لها السيطرة والهيمنة علي العالم دون شريك ولو أبادت مناطق ودولا وانشأت تنظيمات ارهابية لنسف المجتمعات والتعامل بميكيافيللية مع جميع الأنظمة فالغاية المنحطة لديها تبرر وسائلها الأكثر انحطاطا. لكني اتوقف اليوم أمام الموقف البريطاني بالذات من كارثة الطائرة الروسية في سيناء.. موقف أسقط ورقة التوت وكشف عورات ساسة بريطانيا ووضعهم في مكانة مزرية بعد ان ارتضوا علي أنفسهم علي مر العصور ان تكون بلادهم تابعا أمينا وأعمي للعم سام. البداية.. تقرير من "C.I.A" تزعم فيه ان لديها "شعورا مؤكدا" بأن حادث الطائرة الروسية كان نتيجة قنبلة زرعها "داعش" في الطائرة قبل اقلاعها من مطار شرم الشيخ.. نافية وجود "معلومات مؤكدة" علي ذلك!! هنا تتوالي الأسئلة: كيف يكون الشعور مؤكدا؟؟ وكيف يكون مؤكدا مع عدم وجود معلومات مؤكدة عن زرع القنبلة؟؟ ومع فرض زرع القنبلة فلماذا داعش بالذات؟ ولماذا داعش رغم ان هذا التنظيم عندما تبني تنفيذ الحادث لم يذكر في بيانه كيفية الاستهداف والتنفيذ؟؟ وكيف توصلت أمريكا إلي كل هذا قبل انتهاء التحقيقات؟؟ وبأي امارة يتسق كلام جون كيري وزير خارجية أمريكا من ان تحليل المخابرات لا يعبر عن موقف الإدارة الأمريكية.. كيف يتسق مع المسلمات والثوابت المتعارف عليها والمعمول بها في الدنيا بأسرها.. هل تعمل المخابرات بعيدا عن ادارة الدولة؟؟ هل هي مخابرات قطاع خاص مثلا؟؟!! نكتة سخيفة وهبلة. الاجابة المنطقية لكل هذه الأسئلة وللزعم بأن قنبلة زرعت هي التربص بمصر وروسيا معا: * التربص بروسيا.. بسبب مشاركتها في الحرب بسوريا ضد داعش الذي صنعته أمريكا وإسرائيل.. هذه المشاركة فضحت واشنطن بالذات التي تزعم انها تحارب هذا التنظيم الإرهابي منذ أكثر من سنة ومع ذلك لم يقض عليه بل تمدد وقويت شوكته مما يؤكد ان تلك الحرب مجرد "شو" وفقط.. وهذه المشاركة عطلت المشروع الصهيوأمريكي لاسقاط سوريا وتقسيمها. * والتربص بمصر: أولا.. لأن مصر اجهضت في ثورة 30 يونيه المؤامرة الأمريكية في المنطقة والتي كانت تستهدف ضم جزء من سيناء إلي غزة واعلانها دولة فلسطينية تنهي بها الصراع الممتد 68 عاما وغلق ملف القدس نهائيا.. وكذلك تقسيم مصر تمهيدا لاسقاط دول الخليج واحدة تلو الأخري. ثانيا.. لضرب التحالف المصري الروسي واجهاضه وتجفيف أحد أهم منابع تنويع السلاح. وثالثا.. لتبرئة ساحة شركة ايرباص المصنعة للطائرة وانقاذها من دفع التعويضات للضحايا و"تلبيس" الموضوع لمصر مما يضر باقتصادها أكثر ويوقف عجلة التنمية فيها ورابعا.. للتدليل علي ان السياح في مصر غير آمنين علي حياتهم لوأد هذه الصناعة تماما. وخامسا.. لخلق ذريعة للتدخل في الشأن المصري أو علي الأقل وضع أرجلهم في سيناء لحماية إسرائيل "المهددة ياولداه" من تنظيم هم صانعوه وداعموه!! الأمر المقزز.. ان الحكومة البريطانية وباتفاق مسبق مع واشنطن وفي توقيت خاطيء يدل علي جليطة سياسية أعلنت تعليق رحلات الطيران البريطاني من وإلي شرم الشيخ واتخاذ إجراءات عاجلة لإعادة السياح البريطانيين من مصر في انسياق أعمي وراء تخاريف الإدارة الأمريكية ومخابراتها وكأنها حقائق ثابتة.. الا ان "الكرملين" وجه لهذه المزاعم المنحطة لطمة مدوية حين وصفها بأنها تكهنات مرفوضة ومحاولة لتسييس القضية ردا علي تحركات موسكو في سوريا.. كما وصف سامح شكري وزير الخارجية الموقف البريطاني بأنه مثير للاندهاش. لا يا معالي الوزير.. لا تندهش.. انه موقف طبيعي جدا من ساسة تعودوا أن يكونوا تابعين لواشنطن.. هل نسيت موقف توني بلير رئيس وزراء بريطانيا خلال غزو العراق؟؟ أنسيت انه دخل الحرب بجانب أمريكا استنادا لتخاريف مخابراتها بأن صدام حسين يملك أسلحة نووية تهدد أمريكا وأوروبا وتم هدم العراق ثم بعد 12 سنة من هذه الجريمة خرج علينا بلير يعتذر عن خطأ الاشتراك في الحرب.. كده بسهولة وكأن الآلاف الذين قتلوا سواء من شعب العراق أو من الغزاة مجرد حيوانات لا سعر لهم!!! الآن.. لم تستوعب حكومة كاميرون الدرس وسقطت نفس السقوط بتعليق الرحلات واتخاذ إجراءات لعودة مواطنيها استجابة لتخاريف المخابرات الأمريكية.. تري.. متي يخرج علينا كاميرون ليعلن خطأ حكومته في الانسياق وراء القذارة والانحطاط الأخلاقي لأمريكا؟؟ نحن في الانتظار يا "سيناتور" كاميرون.. والله المستعان علي ما تصفون.