ونحن علي أبواب شهر رمضان المبارك ومع حصول العاملين في كل الجهات والمصالح علي العلاوات الجديدة ووسط الظروف التي تمر بها مصر في هذه الايام فإن الجميع يفاجأ بموجة غلاء في أسعار مختلف السلع الاساسية وغيرها خاصة التي يقبل عليها المواطنون في شهر الصيام كالياميش والمكسرات ومما يسترعي الانتباه أن هذه تتكرر مع كل موسم من المواسم سواء الدينية أو بمناسبة منح العاملين في الدولة علاوات جديدة ويصبج المستهلك البسيط بين نارين احداهما رغبة داخلية في صدره يريد أن يشبع رغبة اسرته من المتطلبات وبين نيران الغلاء ولا يستطيع الفكاك من هاتين الوسيلتين احلاهما مر كما يقولون هذه الاسعار تجاوزت الارقام الفلكية بينما تقف الاجهزة الحكومية والرقابية عاجزة عن اتخاذ أي اجراءات للحد من هذا الغلاء غير المبرر بأي سند من الاسانيد. وفي كل مرة نجد الحجة الاساسية لهذه الاجهزة الرقابية تتضمن أن هذه آليات السوق الحرة التي تعتمد علي العرض والطلب. وبالتالي يظل الباب مفتوحا امام التجار لرفع الاسعار دون سقف محدد ويصبح الجشع وتحقيق ثروات طائلة من هذا الطريق هو افضل الاساليب ويصبح التمادي في رفع الاسعار هو افضل الخيارات لاكبر التجار حتي التاجر البسيط حيث ان الكل عينه علي الربح فقط دون وازع من ضمير أو رغبة في تحقيق عمل وطني بعد ثورة الشباب والشعب في يناير الماضي مما يستهدف تلبية رغبات الكادحين من ابناء شعبنا ومما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي والاستقرار هذا القطاع العريض من المستهلكين البسطاء. الصورة هذه الايام تزداد غموضا والاسعار في سلع رمضان الاساسية اكثر غلاء من الاعوام السابقة وليتها اقتصرت علي سلع الشهر الكريم وانما امتدت الي باقي السلع كالدقيق والسكر والزيت وناهيك عن انبوبة البوتاجاز التي تجاوزت اسعارها 30 جنيها أو أكثر دون أن يبدو في الأفق حل قريب يضمن لابناء القري والنجوع قبل المدن الحصول علي الانبوبة بأسعار مناسبة ويبدو ايضا أن هذا الامل اصبح عسيرا. وهناك ظاهرة اخري لا يبدو في الأفق ايضا أي مؤشر لاختفاء ظاهرة الطوابير أمام رغيف العيش وأمل المواطن الوحيد أن يصبح رغيف العيش في متناول الجميع بلا معاناة أو تعرض للضرب واحيانا القتل نتيجة التنافس في الوقوف اولا بالطوابير وسجلات الشرطة والنيابة مليئة بمثل هذه البلاغات وأغلب الظن أن هذه الظاهرة لن تختفي طالما أننا ننتج نصف ما نحتاجه من القمح ولا نستطيع تأمين احتياجاتنا من هذه السلع الاستراتيجية ولو علي الأقل 75% من هذه الاحتياجات وذلك يحتاج الي ابحاث وتحركات ليتنا نري بصيص أمل قريبا. يبدو أيضا أننا ننفرد بتلك الحجة الواهية التي تتعلق بالعرض والطلب وآليات السوق فهناك الكثير من دول العالم تطبق آليات السوق الحرة مع وجود قبضة للدولة للسيطرة علي الاسعار ومواجهة الغلاء بأساليب تتواءم مع أسلوب العرض والطلب وبذلك يتحقق التوازن بين التاجر والمستهلك ولا يصبح المستهلك وخاصة البسيط تحت رحمة التاجر الجشع الذي لا يهمه سوي اشباع رغبته في الكسب دون مراعاة لأي اعتبارات اخري وقليل ما هم الذين يلتزمون بقل عدة "اربح قليلا تبع أكثر" وتصبح الحيرة أكثر عندما نجد المواطن ويستطيع به تلبية رغبات اسرته. حقيقة اننا نسمع كثيرا عن جمعية حماية المستهلك ومطالبتها والتي لا يبدو لها أي فاعلية في السوق رغم أننا نسمع كثيرا تصريحات المسئولين عن هذه الجمعية ومطالبتهم بأن يطلب المواطنون فاتورة لأي سلعة يريد شراءها حتي روشتة الطبيب مما يصبح معه تحقيق هذا المطلب أمرا مستحيلا لأن كثيرا من المتعاملين في السوق وبعض التجار وغيرهم لا يفضلون منح فواتير خاصة اصحاب المهن كالأطباءخوفا من الضرائب وغير ذلك من المسئولين التي تلحق بهم عند بيع سلعة غير مطابقة أو بها أي نوع من انواع الغش وكثيرا ما نسمع شكاوي من أن فلانا اشتري سلعة فوجد بها عيبا لكنه داخ سبع دوخات دون أن يعيد هذه السلعة أو تصحيح العيب والشكاوي في هذا الباب كثيرة ومتنوعة. الأمر يتطلب وسط مناخ الحرية والديمقراطية التي حصل عليها الشعب أن تكون هناك مواجهة جدية للتغلب علي ظاهرة الغلاء المستمر في الاسعار واتخاذ الاجراءات التي تكفل اختفاء هذه الظاهرة مع كل موسم واتخاذ اجراءات مماثلة للاستفادة من ابحاث العلماء والخبراء لتوفير احتياجاتنا من الغذاء والثروة الحيوانية والداجنة بالاضافة الي بذل اقصي جهد لتحقيق الاكتفاء بنحو 75% من احتياجاتنا من القمح الأمر ايضا يتطلب أن نكون جميعا مستهلكين وتجارا علي قلب رجل واحد وأي تاجر يرفع الاسعار أو أي مجموعة تسير موجة من الغلاء فعلينا أن نقاطع هذه السلعة وبالتالي سوف تنخفض الاسعار ولابد من أن تتكاتف جهودنا مع هذه المرحلة الجديدة لكي نعبر هذا المنعطف ونحن أكثر أمانا واستقرارا خاصة في الامن الغذائي وليتنا نري قريبا ابحاثا وتطبيقا لجهود العلماء في كافة المجالات حتي نستغني عن استيراد نصف احتياجاتنا الغذائية من الخارج.