سوف يظل يوم السادس من أكتوبر.. والانتصار التاريخي لجيش مصر العظيم.. رمزا وعلامة بارزة لارادة المصريين وتحدياتهم لقهر المستحيل. ومهما كانت انتقادات البعض لما جري من احداث هذا الانتصار وتداعياته. فإنها سوف تذهب ادراج الرياح. وليقل لي هؤلاء النقاد ماذا فعل من جاء بعد قائد الحرب والسلام أنور السادات؟ وما هو حجم اعمالهم التي لن تساوي شيئا بالنسبة لهذا الانتصار الساحق في يوم العبور العظيم؟ ثم ماذا تحقق بعد اثنين واربعين عاما من مسار الانجازات علي أرض الفيروز التي لم تمتد اليها يد البناء والتنمية وناهيك عما جري في القضية الفلسطينية اساس وحجر الزاوية في الصراع مع إسرائيل عدو العرب والمصريين الأول. مع شديد الأسف لم يحدث أي تقدم. إن قهر المستحيل تجلي بكل قوة في عبور الجنود الابرار لأكبر مانع مائي ونسف خط بارليف الترابي الذي اقامه العدو الإسرائيلي للحيلولة دون الوصول إلي أرض سيناء المباركة. من الذكريات التي لا انساها وأضع تفاصيلها امام الأجيال التي لم تشهد أحداث هذه الأيام.. وتتمثل في ان أحد الكتاب الكبار الذين نكن لهم التقدير والاحترام والمهنية المتفوقة. قد سطر مقالا في صحيفة قومية كعادته اسبوعيا أشار في هذه السطور إلي أنه من المستحيل علي أي جيش عبور مانع قناة السويس باعتباره أكبر مانع مائي. هناك أنابيب النابالم التي تنتشر علي طول القناة. بالاضافة لساتر ترابي خط بارليف علاوة علي طائرة بها طيار في مطار علي مقربة من القناة. وينطلق الطيار الإسرائيلي عند رصد أي تحرك لطائرة مصرية ولو في منطقة نائية في أي اقليم بمصر. وبدا من هذه الكلمات أن عبور قناة السويس من المستحيلات. وقد احدث هذا المقال صدمة حركت الكثير من المشاعر وصار الاوفياء يضربون كفا بكف قائلين: وماذا سيفعل ابناؤنا علي الضفة الغربية للقناة بعد قراءة هذا المقال بينما العدو رابض امامهم علي الضفة الشرقية للقناة؟ تساؤلات حائرة. حول استرداد الكرامة واستعادة الأرض التي احتلها الإسرائيليون. شاءت الاقدار ان تتهاوي كل الاثار التي احدثها في النفوس ذلك المقال. ففي الثانية بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر 73 الموافق العاشر من رمضان. كان الصوت الهادر من راديو مصر يعلن عبور قواتنا المسلحة لقناة السويس. وتمكنها من نسف الساتر الترابي الذي اقامه القائد الإسرائيلي بارليف. وقام أحد جنود مصر برفع علم الكنانة فوق أول نقطة علي أرض سيناء الحبيبة وتقدمت قواتنا الباسلة من كل التخصصات بأفضل اداء في بطولة وتلاحم منقطع النظير. التعليمات صريحة للقادة والضباط يسبقون الجنود ويتقدمونهم. بطولات رائعة وأمجاد حققها هؤلاء الرجال سوف تظل محفورة باحرف من نور في تاريخ مصر. فدائية. وتلاحم جدير بأبناء هذه الايام ان يعودوا إلي تاريخ هذه الأيام الخالدة في عمر مصر. تصوروا ان جنود عساف ياجوري القائد الإسرائيلي يتساقطون كالفئران في ايدي جنود مصر رافعين أيديهم فوق رءوسهم استسلاما لأبطالنا. انه يوم خالد وسيظل رمزا لارادة المصريين وتحدياتهم لقهر المستحيل. والموت فداء لتراب أرضنا الطيبة. من الذكريات الخالدة للتلاحم بين الجيش والشعب ان سجلات ودفاتر الشرطة في كل أنحاء مصر لم تسجل أي حادث سرقة أو أي وقائع تعكر صفو هذا التلاحم المبهر بين هذه القوات والشعب المصري الابي. ان ما جري في هذا اليوم من تخطيط سبق هذه المعركة الخالدة بالاضافة إلي العزيمة والارادة الصلبة في استرداد الكرامة عقب نكسة 5 يونيو 67. إن بطل الحرب والسلام أنور السادات سوف يظل من افضل الرجال الذين انجبتهم مصر. ليتنا نربي هذه العزيمة وتلك الارادة ونحن نستعيد بناء مصر الحديثة.. عقب ثورة 30 يونيو ولاشك أن بلادنا تنتظر منا الكثير.. دعونا نتأمل برامجنا للمستقبل المشرق باذن الله. وقبل أن أغادر هذه السطور فإنه من المصادفات الجميلة ان يتواكب عيد ميلاد "المساء" مع انتصارات أكتوبر المجيدة.. تحية للعزيزة "المساء" في يوم عيدها وكل عام ومصر وشعبها بألف خير.