بمناسبة ثورة 25 يناير قدمت لنا فرقة بالية أوبرا القاهرة عرض "الأهرامات والثورة" علي المسرح الكبير علي مدي عدة ليال متعاقبة.. العرض كما رأيناه يحمل عدة مفاجآت الأولي إنه لم يكن مدرجا في خطة الموسم السنوية الخاصة بالفرقة والثانية انه من اعمال واحد من اشهر مصممي الرقص المسرحي الحديث ويمثل احدي اهتمامات الفرقة المتخصصة بالأوبرا في هذا الفن وليست فرقة البالية!!! أما المفاجأة الثالثة ان العمل لم يقدم كما هو بل تم توظيفه ليتناسب مع أحداث الثورة!!! العرض الأصلي الاسم الأصلي لهذا العرض كان "الأهرامات" وتم تقديمه في مصر عام 1990 والمصمم العالمي هو "موريس بيجار" وكان من المفترض ان يعرضه أمام الاهرامات ولكن حالت ظروفه دون ذلك فتم عرضه بالمسرح الكبير وحضر موريس بيجار وتناقشنا معه من خلال مؤتمر صحفي خاص أعده د. طارق علي حسن الذي كان رئيساً للأوبرا في هذا الوقت وليس هناك ما يدل علي أنه أهداه إلي مصر بدليل انه رفض اثناءها تصوير وتسجيل هذا الحدث الذي قام هو نفسه بالتمثيل فيه. ولا ننكر ان موريس بيجار من عبقريات هذا الزمان فهو يقدم من خلال اعماله المبتكرة فلسفة وفكراً ورؤية تتجسم من خلال عناصر المسرح وحركة الجسد الذي يعد معظمها ابداعات تنسب إليه وحده قائمة علي أسس علمية لفن البالية والرقص الحديث ومن تلاميذه النجباء والذي تعرفنا عليه من خلال هذا العرض وليد عوني مؤسس الفرقة المصرية. وعرض الأهرامات الأصلي والذي شاهدناه عام 1990 يمثل ابهارا لنا من حيث التكنيك الحركي والرؤية المسرحية المتكاملة ولكن كان هناك اختلافاً حول فكر "بيجار" ومعلوماته عن الحضارة المصرية التي قامت علي معلومات من المستشرقين فقط والتي صححها بعد ذلك المؤرخين العرب والمنصفين من علماء الغرب. والعرض قدمه بيجار من خلال شخصية محورية هي المتصوف المصري ذو النون "179 245ه" استلهم من خلاله مراحل تاريخية وحضارية في مصر واختتمها عن حدث أم كلثوم عندما زارت باريس. أما العرض الذي شاهدناه لفرقة البالية المصرية كتب عليه اعادة صياغة عبدالمنعم وارمينيا كامل والذي ايضا شاركت في الديكور والعرض لم يحدث تغييرات جوهرية إلا في اضافة بعض المشاهد التي خرجت به قاما عن صياغته الفلسفية وحولته من عرض فلسفي إلي عرض تاريخي أما المشهدين الذي تم اضافتهما فهو مصر القبطية ومشهد الثورة ورفع العلم جاء المشهدين بشكل مقحم واصبح هناك تغيير في فلسفة بيجار التي قامت علي رؤيته هو اهم ما رآه في الحضارة المصرية وربما نختلف أو نتفق معه ولكن كان ابداعه مميزا وقد استفاد هذا العرض من معظم ابداعاته .. والاضافة ان اعضاء فرقة البالية قاموا بأداء هذه التصميمات الفريدة مما يعد ثراء للجانب الحركي لهذه الفرقة. أمنية العرض بالمجمل تضمنه جمالا خاصة لمن لم يسبق لهم رؤية عرض بيجار الأصلي أما من شاهده يشعر ان هناك فكر فيلسوف ومبدع تم التدخل فيه بدون اذنه! وكانت الأمنية ان تقدم الفرقة ابداعها الخاص بالثورة والنابع من حضارتنا من خلال رؤية مصرية وعميقة أو يقدم هذا العرض كما هو تراث عالمي في عالم الفن الحديث لبيجار وأن تقدم الفرقة المتخصصة في هذا.