أصبحت الدروس الخصوصية متجذرة في المجتمع المصري بحيث لا يمكن اقتلاعها منه علي وجه الإطلاق.. كما تحولت المراكز المتخصصة في هذا المجال إلي تعليم مواز يتفوق علي المدرسة. وليست الدروس الخصوصية حكراً علي مصر وحدها.. بل هناك بعض الدول العربية وهي قليلة جداً تعطي فيها هذه الدروس علي استحياء وبعضها يجرم هذا العمل وإذا تم ضبط القائمين به يوقع عليهم عقاب صارم. أما في الدول الأجنبية وقد زرت منها الكثير فلا يوجد عندهم ما يعرف ب "الدروس الخصوصية" لأن المدرسة تقوم بكل الواجبات وعدد التلاميذ أو الطلاب محدود في كل فصل والأنشطة متوفرة للطالب أو الطالبة والتشجيع علي البحث موجود في المكتبات العامة بكل حي وفي كل مدرسة ورشة لتعليم الحرف. في كندا التي زرتها أكثر من مرة لا توجد دروس خصوصية.. بعض المهاجرين الجدد إلي هذه الدولة تكون اللغة الانجليزية أو الفرنسية ليست علي المستوي المطلوب الذي يؤهل الطالب لمتابعة الدراسة حسب المنطقة التي ينزل بها.. فهناك مناطق يكون النطق بالنسبة لساكنيها باللغة الانجليزية ومناطق أخري باللغة الفرنسية.. وحينئذ تنظم المدرسة دروس تقوية في اللغتين داخلها بعد انتهاء الدراسة لهؤلاء الطلاب. المدارس هناك تشجع علي البحث الدراسي للطلاب.. والمدرس يحدد موضوعات معينة يشترك فيها عدد من الطلاب والطالبات لتعليمهم ان البحث يكون جماعيا لفريق وليس لفرد.. ويحدد المدرس الكتب التي يجب أن يطلع عليها الطلاب لاستكمال معلومات البحث منها وهي موجودة في المكتبات العامة.. ومن هنا يشغل المدرس وقت الطالب بالبحث والتنقيب عن المعلومة بدلاً من تضييعه بلا فائدة. كنت أتصور ألا يكون أول تصريح للدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم الجديد بعد أدائه اليمين القانونية أمام الرئيس أن يشجع علي الدروس الخصوصية فقد ذكرت صحيفة "اليوم السابع" ان الوزير قال للمعلمين: "اشتغل في المدرسة وابقي ادي دروس بعد انتهاء اليوم الدراسي"!! صحيح ان الوزير يقرر حقيقة قائمة وواقعة فعلاً بوجود الدروس الخصوصية لكنه كان يستنكر أن يعطيها المدرس صباحاً مع بداية اليوم الدراسي قائلاً: ازاي تكون المدرسة فاضية والمراكز شغالة؟! الوزير أوضح ان الوزارة تعمل علي تحجيم الدروس الخصوصية أثناء فترة الدراسة خلال اليوم علي الأقل موضحا ان ذلك لن يتحقق إلا بعودة الطالب والمعلمين إلي المدرسة مرة أخري. ونحن نقول للدكتور الهلالي الشربيني ان كل وزير جديد لا ينبغي أن يمحو كل ما فعله الوزير السابق عليه.. ولكن يجب أخذ الإيجابيات والبناء عليها وترك السلبيات.. والدكتور محب الرافعي كان سيقر مبدأ تخصيص 10 درجات للحضور والسلوك في الثانوية العامة واعترض بعض الطلاب علي ذلك الدافع لا نعرفه.. فياليت الدكتور الهلالي الشربيني يقر هذا المبدأ ففيه بداية لإعادة المدرسة لوضعها التعليمي والتربوي قال الدكتور الهلالي في تصريحه الأول ان الرئيس عبدالفتاح السيسي يولي اهتماماً خاصاً للتعليم ويعتبره أمناً قومياً.. وتطور المنظومة هي أساس تطور نهضة المجتمع. ونحن نقول للدكتور الوزير إن مشاكل التعليم في مصر لا حدود لها.. ففيها أكثر من منظومة تعليمية حيث توجد المدارس الحكومية.. والمعاهد القومية.. والمدارس الخاصة.. ومدارس اللغات ومدارس المستقبل والمدارس التجريبية!! وفيها تكدس في الفصول.. وفيها مدارس متهالكة.. وفيها معلمون يحتاجون لدورات تدريبية وأيضاً إدارات تحتاج لمثل هذه الدورات.. وفيها مناهج تحتاج للتطوير وفيها كتب لا يتم طبعها في الوقت المناسب.. وفيها الكثير والكثير الذي لا نستطيع حصره في هذه العجالة.. وأولها تطوير نظم الامتحانات والمناهج. وزارة التربية والتعليم لا تحتاج وزيراً فقط. بل تحتاج إلي عقل جماعي يعمل علي التطوير.