كنت أنوي أن أكتب عمودي اليوم عن مصريتنا وعن هذا الشعب الذي لا يعرف المستحيل سبقني رئيس التحرير في كتابة عموده بهذا العنوان والحقيقة ان هذا الشعب لديه طاقات هائلة جبارة لا تظهر إلا في أوقات النهائيات أو في الدقائق الأخيرة وكأنه يلعب مباراة مع الزمن ويحرص أن يحرز أهدافه قبل انطلاق صفارة الحكم. عشرة أيام باقية علي افتتاح قناة السويس الجديدة استغرق حفرها واعدادها سنة بالكمال والتمام وكان بعض المراقبين يرون ان الانتهاء منها خلال عام يعتبر من ضروب المستحيل. ومن يعرف حقيقة هذا الشعب ويقدر امكانياته وصبره وصموده خلال التاريخ يعلم ان لديه القدرة علي التعامل مع المستحيل وكأنه أمر هين بسيط. شعب كل ما يحتاجه وما احتاجه خلال تاريخه قيادة يثق بها وتبادله الثقة. قيادة تحترمه ويبادلها الاحترام وحينذاك يشمر عن ساعديه ويدخل معارك التنمية والتطوير بأظافره وأسنانه. لن أبعد بك كثيرا وأحكي لك كيف تم بناء السد العالي وإقامة المصانع وزرع ربوع مصر بالوحدات الصحية من أجل رعاية المواطنين. بل سأتحدث عن القناة الجديدة فقط والتي تمثل نوعا من التحدي وقهر المستحيل والبداية منذ أقل من عام تم الإعلان عن اكتتاب شعبي لتمويل عملية إنشاء القناة الجديدة وفي أقل من اسبوع واحد فقط تم جمع 64 مليار جنيه ووقف الناس أمام البنوك وداخلها في طوابير طويلة دون ملل. هذه المليارات التي تقدم بها أفراد الشعب العاديون ليست بسبب الفائدة البنكية التي أعلن عنها ولكنها كانت بسبب احساس الشعب بأن هناك قيادة جديدة تسعي إلي استعادة مكانة مصر بين الأمم وان هذه القيادة تعمل علي إشراك الشعب بمختلف طوائفه وطبقاته في مشروعات تنمية عملاقة. كل ذلك يكشف ان هذا الشعب بالفعل شعب المستحيل القادر علي تحدي الصعاب وتزداد قوته وسرعته في اللحظات الأخيرة فيندفع إلي الأمام بقوة ويسر. عشرة أيام ويتم افتتاح القناة الجديدة في احتفال يليق بمصر ومكانتها ويعيد إلي الأذهان إنجازات البناء والتعمير والتصنيع في أرجاء مصر. لحظة من الممكن استثمارها في دفع بعض طوائف الشعب إلي التخلي عن أنانيتهم والمشاركة بجد في إعادة بناء الوطن الذي استنزف علي مدار ثلاثين عاما. لحظة يمكن فيها وعليها بناء جسور الثقة بين القيادة والشعب ودفعها إلي الانحياز بلا تردد للأيادي والجباه "العرقانة" في سبيل رفعة هذا الوطن مجدداً. لحظة ينتظرها العالم ليري مرور السفن في القناة الجديدة ويعلم ان هذا الشعب شعب المستحيل.