لم تطلق كونداليزا رايس وزيرة خارجية بوش الابن تعبيراتها المنحطة مثل "الشرق الأوسط الجديد" و"الفوضي الخلاقة" بالمصادفة. ولم تكن توابع وكوارث وجرائم هذه التعبيرات مجرد ضربة حظ عشوائية.. بل كان "الجيم" كله مخططاً له بعناية فائقة وعلي أعلي مستوي وقُسمت أدواره بإحكام ما بين رءوس الأفاعي وأدوات الشر الداخلية والخارجية. هذه الفوضي الخلاقة جاءت بلادنا تحت عنوان برَّاق يدغدغ العواطف هو "ثورات الربيع العربي" مستغلين أخطاء وخطايا الأنظمة وحقوق واحتياجات وأحلام وآمال الشعوب.. ومن هنا كان الشعار "عيش. حرية. عدالة اجتماعية. كرامة إنسانية".. ولكن.. عندما قُضي الأمر وأبحرت سفن الأوطان في اتجاه الدمار. أدرك الجميع أن صُنَّاع وممولي هذه الثورات المزعومة وعملاءهم الجدد الذين ركبوا الموجة والبلاد نفسها. لم تشغلهم أبداً أو تحرك جوانحهم أو تقُضّ مضاجعهم أياً من مكونات الشعار الأربعة.. فكان ما لم يكن منه بد.. ثورات حقيقية تسقط المخطط التآمري كله وتنسفه بعد تعريته أمام العالمين. قولاً واحداً وبلا مواربة. أو تزويق كلام.. فإن ما حدث في بعض بلادنا العربية منذ غزو العراق. وحتي من قبله. ثم "مؤامرات الربيع العربي" إنما هو عقاب لنا علي الذنب الذي لن نستغفر اللَّه عنه. والجريمة التي نفتخر بارتكابها في مثل هذا اليوم قبل 42 عاماً بالتمام والكمال.. حرب يوم الغفران.. السبت 10 رمضان 1393ه الموافق السادس من أكتوبر 1973م. الحرب كانت ضربة موجعة لأمريكا وإسرائيل وأذنابهما.. كانت بمثابة "قفا" للغرب كله. وكشفت ضآلتهم وضحالتهم. ومازال هذا اليوم حارق دمهم.. فقد فاجأهم الرئيس السادات والجيش المصري والقرار السعودي الخاص بقطع البترول.. السادات الذي "غمَّاهم" بالخداع الاستراتيجي. ثم "توههم" ودخل بهم حارة سد. وفين يوجعك.. أنا لا أدَّعي.. ولم أكن شاهداً فقط علي الخداع الاستراتيجي. بل كنت ضلعاً فيه. دون أن أدري. من خلال مظاهرات الطلبة المطالبة بالحرب وتحرير الأرض. والرئيس يعلن للدنيا بأسرها أنه غير مستعد لهذه الخطوة. إن حرب العاشر من رمضان كانت السبب الأوحد الذي دفع أمريكا والصهيونية إلي التخطيط لتنفيذ الشرق الأوسط الجديد من خلال ما وصفت بأنها ثورات عربية ضد نظم دكتاتورية فاسدة. لكنها وللأسف لم تكن ثورات بل مؤامرات استغلت حقوق ومطالب الشباب لهدم الدول العربية بتفكيك جيوشها. والذي بدأ بالجيش العراقي. والسطو علي ثرواتها. وكلنا يعلم أين يذهب البترول العراقي والليبي تحديداً. وتقسيمها إلي دويلات صغيرة متصارعة دينياً أو مذهبياً.. حتي لا تكون هناك دولة متماسكة سوي إسرائيل.. ولكن خاب مسعاهم وتعروا وأصبحوا "فرجة للعالمين" بعد أن تحطموا علي صخرة "شعب وجيش مصر". إن مؤامرة الشرق الأوسط الجديد تخمرت في العقلية الغربية القذرة بسبب حرب العاشر من رمضان تقليماً لأظافرنا حتي لا نتجاسر مرة أخري ونتجاوز حدودنا.. ولكنهم ولسوء بختهم لم يقرأوا التاريخ والجغرافيا والقرآن والسيرة النبوية ولا التوراة والإنجيل الصحيحين ليدركوا أن مصر هي قلب العرب. وأنها محروسة من المولي ذاته. وأنها كما قال رسولنا الكريم بها خير أجناد الأرض. وأهلها في رباط إلي يوم الدين.. وبالتالي مستحيل أن تتحقق مؤامراتهم أبداً. أيها المتآمرون والأنطاع والخونة والعملاء.. هنا وخارج هنا.. فكروا جيداً قبل التآمر علي مصر وشعبها.. وادرسوا ما حدث في العاشر من رمضان وفي 25 يناير و30 يونيه. وما سيحدث في 6 أغسطس. لتعرفوا من هم جنود وشعب مصر.