لم يكن حضور عمرو بن العاص إلي مصر سنة 20 هجرية هي المرة الأولي التي يراها فيها فقد سبق أن رآها عدة مرات أثناء رحلاته التجارية والتي كان يمر خلالها علي فلسطين والشام* يروي المؤرخ ابن عبدالحكم صاحب كتاب فتوح مصر ان عمرو التقي ذات رحلة في بيت المقدس مع كاهن مصري تعرض لحالة جفاف سيئة فقام عمرو وسقاه حتي ارتوي وفي نفس الوقت لمح عمرو ثعبانا يكاد يفتك بهذا الكاهن المصري وأمكنه قتله* حفظ الكاهن جميل عمرو الذي أنقذه من الموت مرتين ودعاه لكي يزور معه الإسكندرية وهناك شاهد مباراة للكرة البيزنطية وكان اللاعبون يعتقدون ان الكرة إذا سقطت علي ملابس أحد المشاهدين فإنه سيصبح حاكما وتصادف أن سقطت الكرة علي جلباب عمرو ولم يصدق الناس ان هذا العربي سيصبح يوما ما حاكما لمصر* أما أحداث الفتح الإسلامي لمصر فقد بدأت عندما أدخل أبو بكر الصديق عمرو بن العاص إلي فلسطين لفتحها وهناك التقي عمرو بداهية قادة الروم هو ارتبون واشتهر عند العرب باسم الأرطبون** وكان هدف الأرطبون من حروبه في فلسطين افساد هجوم المسلمين علي بلاد الشام وعندما تطورت الأحداث في بلاد الشام كتب عمرو إلي الخليفة عمر بن الخطاب يخبره بواقع الأمر فلما وصله كتاب عمرو قال عمر بن الخطاب "قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب"* جاء عمرو علي رأس جيش كبير قوامه أربعة آلاف محارب ووصل إلي مصر من خلال مدينة بلوز "الفارما" وهي مدينة حصينة تقع علي بعد ميل ونصف ميل من البحر كما ذكر الدكتور ابراهيم أحمد العدوي في كتابه مصر الإسلامية** واستولي عليها* ثم تابع الاستيلاء علي باقي النقاط المصرية حتي وصل إلي منطقة هليوبوليس ومر بها وباغت قرية علي النيل اسمها "أم دنين"* وهي المنطقة المحصورة بين مسجد أولاد عنان وحي الأزبكية حاليا والواقع كما أجمع المؤرخون ان عمرو استولي علي حكم مصر والاسكندرية وبني مدينة الفسطاط وأقام أول مسجد في أفريقيا في الفسطاط* لكن عمرو ترك مصر بعد أن عزله عثمان في رمضان سنة 25 هجرية وانتهز الروم فرصة أبعاده فأرسلوا اسطولا إلي الاسكندرية لاحتلالها واضطر عثمان إلي إعادة عمرو لكي يحارب الغزاة ويعيد الإسكندرية إلي حضن مصر** وفي هذه المرة هدم عمرو كل أسوار المدينة وانتهت بذلك مهمة عمرو ولكن في عام 38 هجرية عاد عمرو إلي ولاية مصر بناء علي وعد معاوية وفي آخر أيام شهر رمضان 43 هجرية مات عمرو بن العاص ودفن في المقطم وكان عمره يقترب من المائة عام*