علي الرغم من أن الإعلام رسالة تهدف لإرساء قيم واستعراض القضايا الوطنية بكل موضوعية والاستعانة بالمتخصصين في مجال القضية المثارة لوضع الحلول وسبل لعلاج المشكلات. إلا أن الواقع علي العكس تماماً. حيث أصبح رأس المال هو المتحكم في الإعلام بعد أن فشلت القنوات الحكومية في تطوير نفسها بل والأخطر من ذلك أن القنوات الخاصة أصبحت تتخذ توجهاً سياسياً وفقاً لآراء ومعتقدات صاحب القناة الذي يهدف في المقام الأول جني المال من خلال الإعلانات وتحقيق نسبة مشاهدة ويأتي في المرتبة الثانية الترويج لأفكار من خلال برامج "التوك شو" وتبني القضايا التي تهمه وإخفاء أخري. وإذا تعارض رأي المشاهد مع توجهاته يتم قطع الاتصال. كما أن هذه القنوات تعمل علي تضخيم قضايا بسيطة وإشعالها وإبراز الجانب السودوي حتي يشعر المواطن أنه "مفيش فايدة" وكذلك التركيز علي برامج عن الشذوذ الجنسي و"المتحولون" وهي قضايا تخص مجتمعات أخري لتحول أنظار الجمهور عن قضايا أخري مهمة حتي مقدمو البرامج تخلوا عن دورهم الوطني والمعايير المهنية من أجل مصالحهم الخاصة. فالحرب التي فشل الإرهاب في إشعالها تخوضها الفضائيات والمصالح الخاصة لأصحاب القنوات هي المحرك للإعلام حتي ولو حساب الوطن. د.نادية رضوان أستاذ اجتماع جامعة السويس تري أن رأس المال هو المتحكم في التوجه الإعلامي لدي القنوات الخاصة باستثناء بعض الفضائيات المحترمة التي تناقش قضايا المجتمع علي نحو من المهنية. لكن مع الأسف الشديد معظمها يهدف إلي كسب المال والتربح حتي ولو علي حساب الوطن! أضافت أن صاحب القناة أو ممولها يقوم بفرض وجهة نظره وقناعاته الخاصة علي المشاهدين من خلال البرامج المقدمة التي تحاول إقناع الجمهور بنفس أفكار ورأي القناة التي هي في الأساس رأي صاحبها حتي مقدمي البرامج الذين يجب أن يتحلوا بالوطنية والموضوعية والحيادية قد يتخلون عن كل ذلك في سبيل المال وجني مزيد من الثروة. أشار د.نادية إلي أن المشكلة لم تكن فقط في التوجه السياسي للفضائيات بل أيضا اجتماعياً وثقافياً فقد انتشرت علي معظم المحطات الفضائية برامج المسابقات التي تستخف بعقول المشاهدين بأسئلة غاية في التفاهة توحي بالاستهزاء والفارق بين صورتين لفنانات شبه عاريات بخلاف التجاوزات والألفاظ غير المقبولة من مقدمي البرامج الذين عليهم حسن اختيار المفردات اللغوية والتحلي بالرقي والقيم. أوضحت د.نادية أن هناك برامج يتم تقديمها علي القنوات الخاصة ويعتبرونها إبداع مثل البرنامج الذي يناقش الطب الجنسي حتي وصل الحال إلي أن أحد الإعلاميين المشاهير استضاف مقدمة هذا البرنامج وسألها عن رأيها عن الجنس "الفموي".. فهل هذا يليق بمجتمعنا الشرقي؟! أضافت أنه علي رجال الأعمال مالكي الفضائيات وأصحاب القنوات الخاصة أن يعوا جيداً أن الإعلام وسيلة تربوية وما يتناوله يدخل في قناعاتنا خاصة لدي الشباب والأطفال وهذه المكتسبات يعملون بها علي مدي حياتهم. ففي أمريكا يطلقون علي التليفزيون "المربية الإلكترونية" لذلك يجب الحرص والمصداقية في ما يتناوله الإعلام من قضايا وأحداث إذا كان أصحاب هذه القنوات الخاصة بالفعل لديهم وطنية وإخلاص لمصر. وعلي المذيعين أيضا أن يتجنبوا مصالحهم الشخصية إذا كانت تتعارض مع مصلحة الوطن. د.سعيد صادق أستاذ اجتماع سياسي يقول إن الإعلام المصري أصبح يسيطر عليه القطاع الخاص لأن الإعلام الحكومي سيء للغاية حتي أن أدواته والإخراج والبرامج المقدمة عليه قديمة لا تتماشي مع المتغيرات الراهنة. فالقنوات الخاصة سحبت البساط منها وباتت ذات تأثير قوي علي المواطنين. أضاف أنه من السهل أن يمتلك رجل أعمال ومن يتوافر لديه المال قناة فضائية بلا معايير للاختيار أو ضوابط والنتيجة ما نراه الآن من وجود مئات الفضائيات التي لها توجه سياسي خاص بها لذلك نجد تناقضات واضحة بين مجموعة قنوات يمتلكها شخص وقنوات أخري تتبع آخر. بالإضافة لذلك تبني قضايا لشغل الرأي العام لتلهي الشعب عن قضايا مهمة مثل تناول موضوعات عن الجنس والشذوذ والإلحاد من أجل التشويش علي قضايا شديدة الأهمية لا يرغب صاحب القناة في لفت الأنظار إليها. ليس فقط ذلك بل تستخدم القناة للترويج لمنتجات صاحب القناة والتصدي لكل من يحاول انتقادها. د.سامية خضر أستاذ علم اجتماع بكلية تربية جامعة عين شمس أكدت أن رأس المال الموجه موجود في الفضائيات بشكل واضح وهو يعد بمثابة حرب فما لا يفلح الإرهاب فيه تسعي هذه الفضائيات الموجهة لفعله وعن بعض النماذج التي تقوم بها القنوات الخاصة هو استغلال أي خلل وإبراز الجانب السوداوي لإشعال مشاعر المصريين وهذا لتحقيق هدف واحد فقط وهو إقناع المصريين أن مفيش فايدة ومصر لن تسير إلي الأمام. كما نجد هذا الإعلام الارهابي الغبي يرصد ظواهر وقضايا لا قيمة لها ويهولها ليحول أنظار المشاهدين عن انجازات تتم والجهود المبذولة لحل مشكلات تمس المواطنين. كما نتأذي من وجود مقدمي برامج يتركون القيمة من أجل المال. فإذا كانت داعش قامت بسرقة الآثار من المتحف العراقي لمحو الهوية الوطنية. فهذا ما تقوم به الفضائيات بمحاولة انتزاع القيم المصرية. فالتوجه السياسي في الفضائيات الخاصة عملية مقننة وممنهجة. د.خالد كاظم أستاذ اجتماع سياسي أكد أن رأس المال والسلطة والإعلام ثلاث أدوات بينها في الأغلب تحالف ضمني أو معلن.. فالنسبة لرأس المال يتحرك داخل الإعلام لتحقيق هدفين أساسيين الأول تحقيق عائد مادي مربح وهي المصلحة الأولي لمالك أي قناة خاصة ويحدث ذلك من خلال جذب الجمهور لتحقيق أكبر نسبة مشاهدة وهذا يعني مزيد من الإعلانات. أضاف د.كاظم أما الهدف الثاني يتمثل في تحكم المال السياسي في المادة الإعلامية المقدمة للجمهور التي تعبر عن قناعاته وتوجهاته. فيكون له مصلحة من إبراز بعض القضايا وإخفاء أخري فوجدنا بعد ثورة يناير تسليط الضوء علي الإعلام السياسي وترك ساحات واسعة لمخاطبتهم للمواطنين في برامج البث المباشر والتوك شو لكن بعد فترة تم شن حملة ضدهم واستبعادهم نهائياً من الظهور ونجد الآن أيضا تحكم في الخطاب وتوجيه بعض القضايا السياسية لجذب الرأي العام في حين وجود قضايا محورية ومشكلات تهم المجتمع المصري. أشار د.كاظم إلي أن هناك برامج علي قنوات خاصة تتعمد تحويل أنظار المواطنين عن قضايا المجتمع وتناقش موضوعات تخص مجتمعات أخري منها علي سبيل المثال الرجل الذي تحول إلي امرأة. فما الفائدة والقيمة من هذه القضية التي لا تهم المجتمع. وإن وجدت فهي لا تمثل ظاهرة؟! د.علي الشخيبي أستاذ أصول التربية جامعة عين شمس أكد أنه لا توجد معايير أساسية لتوظيف رأس المال سواء في الناحية السياسية أو الإعلامية. فيتمكن أي شخص يتوافر لديه المال أن يقوم بعمل قناة فضائية لأهداف شخصية طبعاً وجني المال وأغراض أخري خاصة. فتكون البرامج والمذيعون ممنهجين وفقاً لمعتقدات وأفكار صاحب القناة وفي حال اختلاف المشاهدين في الرأي معهم يتم قطع الاتصال.. كما أن معايير الشخصية الإذاعية لا تنطبق علي مقدمي البرامج. ومن الملفت للنظر في الآونة الأخيرة انشغال العديد من الفضائيات بقضايا تخص مجتمعات أخري رغم وجود قضايا هائلة موجودة علي الساحة تهم المصريين.