الحادث الإرهابي الذي استهدف مسجداً للشيعة في بلدة القديح بمنطقة القطيف السعودية وراح ضحيته 21 شخصاً وأصيب فيه 123 آخرون يمثل نقطة تحول كبري في الاستراتيجية الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط. هذا الحادث وعلي الرغم من إعلان تنظيم داعش الإرهابي مسئوليته عنه إلا أنه لا يخرج عن المخطط العام الذي بدأت الولاياتالمتحدة تطبيقه في المنطقة واعتمدت فيه علي تأجيج النعرة الطائفية بين السنة والشيعة لهدم الدول العربية الخليجية مثل السعودية والإمارات والبحرين والكويت التي دعمت مصر. بدأت ملامح هذا المخطط تتضح أكثر فأكثر عقب الفشل الأمريكي في التعامل مع النظام المصري بعد ثورة 30 يونيو.. فالولاياتالمتحدة اعتقدت أنها امتلكت المنطقة عندما اصبحت السلطة في أيدي جماعة الإخوان عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير. ففي نهاية الأربعينيات من القرن الماضي عندما أرادت الولاياتالمتحدة تصعيد جماعة الإخوان لتولي مقاليد الحكم في مصر خلفاً للملك فاروق بعدما ظهرت ملامح انهيار نظامه قامت بترتيب الأوراق وعقد اللقاءات بين رجل جهاز المخابرات الأمريكي والشيخ حسن البنا في منزل نائب وزير المالية السعودي آنذاك محمد سرور. وتكرر اللقاء بالأشخاص أنفسهم في منزل المسئول السعودي ثم تطورت الأمور بعدما أصبح رجل المخابرات الأمريكي هو سفير الولاياتالمتحدة بالقاهرة عندما اقترب المخطط من مراحله النهائية ولكن في الوقت المناسب تدخل ضباط الجيش المصري وأفسدوا المخطط بثورة 23 يوليو 1952 والحال نفسه تكرر بنسخة حديثة في 30 يونيو عام 2013 عندما كان الإخوان في سدة الحكم وقبل اكتمال المؤامرة والمخطط الشيطاني بين الخونة ونظرائهم الأمريكان تدخل الجيش مرة أخري ليفسد مكرهم حتي أصبح الجيش المصري عقدة الأمريكان والإخوان معاً. وعبثاً حاولت واشنطن الضغط علي الجيش المصري بكل السبل ولكن التلاحم بين الجيش والشعب المصري أفسد كل ذلك حتي أن المخابرات الأمريكية اعترفت بأن "الشعب المصري مالوش حل". أقول ذلك لأن الولاياتالمتحدة حاولت عسكرياً وسياسياً واقتصادياً تدمير مصر بوصفها أكبر دولة عربية ويسهل بعدها تدمير بقية الدول العربية لكنها فشلت فوجدت ضالتها في النعرة الطائفية بين السنة والشيعة والتي بدأت تؤتي ثمارها بقوة خاصة مع تدليل أمريكالإيران والاتفاق معها بشأن ملفها النووي وهو الاتفاق الذي رفضه ومازال يرفضه السياسيون الأمريكان. الآن.. إيران تهدد دول الخليج "عيني عينك" وتدعمها واشنطن في الخفاء. واعتقد أن جهازي المخابرات في واشنطن وطهران علي تواصل دائم وتنسيق مستمر لتنفيذ المخطط الأكبر بشأن دول الخليج.. وما حادث القطيف بالأمس إلا بداية وسوف تتلوه انفجارات أخري داخل المملكة السعودية الشقيقة ثم الإمارات والكويت والبحرين لتهديد استقرارها سواء أكان ذلك بدعم أمريكي وإيراني للحوثيين الشيعة في اليمن أو بدعم أمريكي لتنظيم داعش أينما كان.. فالمهم عند واشنطن تدمير المسلمين بأيدي المسلمين. أستطيع أن أقول إن حادث القطيف ليس مقصوداً به ضرب استقرار الاشقاء في الخليج فقط ولكن أيضاً ضرب استقرار مصر.. فانشغال المملكة السعودية بالإرهاب عندها وكذلك ما قد يحدث في الإمارات والكويت من انتقام وانتقام مضاد من الشيعة والسنة سوف يلهي هذه الدول عن دعم مصر ليس مادياً فقط ولكن عسكرياً وسياسياً واجتماعياً وهذا هو الهدف الأسمي للأمريكان "الله يحرقهم".