سلمي وهي في ربيع العمر تسهر علي تسعة أطفال.. جادت بطنها باثنين وسبعة نزعوا من حضن أمهم بعد ان ذبلها الخريف! حدثتها أمها في آخر غضبة غضبتها قالت: "المرأة التي تهجر بيتا فيه ماتشتهي الاعين حتما لابسها شيطان"؟! وأعطتها درسا في الحياة. وأخبرتها النبرات الجافة الصادرة من صوت أبيها: "أن البطر علي النعمة افتراء وشيطنة وكمان قلة عقل؟! عادت سلمي. يائسة. تسهر علي تسعة أطفال. وزوجها المعلم مختار!! بعد يوم حافل بالكد والتعب قامت سلمي تتمشي إلي الشرفة فلمحته ملقي تحت سور الحديقة تمزقه أنياب الحراس الزرقاء. فتكهربت وسرت في عروقها قشعريرة. اندفعت إليه تقودها دقات قلبها!! أشارت إليه: اقترب.. اقترب يا صبح!! انتفض صبح ودبت فيه الحياة لما لاح له وجه سلمي هب واقفا تهللت أساريره وداعبت شفتيه الغبطة وفي حضن سلمي ارتمي ضمته إليها وراحت تهدهده وتجفف دمعة كانت قد نسابت علي خده المصفر راعها جثمانه الذابل وحلقة الجاف عطشا إليها فبكت حتي فاض الدمع من عينيها وارتوي صبح حتي استعذب دمع التلاقي فشرب شرب حتي الثمالة. وبينما القمر يتوسط كبد السماء. تتراقص علي أضوائه الازهار توقفت سيارة المعلم نزل منها يتوكأ علي عصاه الغليظة.. يحرسه رجال اشداء فاصطدم ومعه رجاله بسلمي ترقد في حضن صبح تتدثر بضوء القمر. وتداعب غصن الزيتون وهي نشوانة!! فاجأتها خبطة علي رأس صبح بعصا المعلم مختار فخر صريعا وراح يردد مع آخر أنفاسه وهو يتشبث بسلمي: ما أهون الموت في حضن ال......مح......بو.......!! ومات .. صرخت سلمي وهي عبثا تحاول ان تسد بيدها الضعيفة نهر الدم المتدفق من رأس صبح. غير ان قوة غاشمة انتزعتها وألقت بها داخل القصر. وتولت عصا المعلم أمرها. في الليل قامت سلمي.. تسللت حيث توجد عصا المعلم أمسكتها هشمتها وألقت بها منن الشباك.! بعد ان هدها التعب والحزن نامت رأته في المنام يرتدي ثياب بيضاء ويقف تحت الشرفة متطيا جواده الاشقر. قال لها: اشكرك يا حبيبتي علي انك اخذت بثأري من تلك العصا لكن دمي ليس في عنق العصا وحدها.. دمي في عنق في عنق من ياحبيبتي؟! أردف بصوت متحير حزين: دوري علي الاهل والجيران.. إسألي المشايخ. ومأذون البلد والآباء والامهات وأصحاب الرأي والمشورة واسأليهم.. اسأليهم يا سلمي.. دمي.. دم حبنا في عنق من؟!