لا أمل في أي تنمية مالم يواكب ذلك برامج توعوية للحد من الزيادة السكانية الرهيبة التي تلتهم كل شيء خاصة في ظل ظروف اقتصادية شديدة التعقيد. "المساء" التقت أبو بكر الجندي رئيس جهاز التعبئة والاحصاء وعدداً من خبراء علم النفس والاجتماع لمناقشة القضية.. أكدوا ان مصر تختنق وان الزيادة السكانية تقودنا إلي كارثة.. طالبوا بعودة برامج التوعية بالقري والمناطق العشوائية بالإضافة إلي قيام المؤسسات الدينية كالأزهر والكنيسة بالإضافة إلي المؤسسة التعليمية بدورها في الحد من الظاهرة بالإضافة إلي التعلم من تجارب الآخرين خاصة الهندوالصين في كيفية الاستفادة من الطاقة البشرية في البناء والتنمية بدلاً من أن تكون عبئاً علي ميزانية الدولة. * اللواء أبو بكر الجندي رئيس جهاز التعبئة والاحصاء: لم نتوقف كجهاز عن دق ناقوس الخطر من تنامي الزيادة الكارثية في السكان فنحن في الطريق لكارثة بكل المقاييس بعد تضاعف التعداد السكاني في العشرين عاماً الأخيرة بصورة تفوق كل التوقعات وتتحدي الامكانيات والمقومات الاساسية للدولة وهو ما سوف يدفعنا نحو صعوبات بالغة إذا اردنا توفير مستوي معيشة لائق وكريم لكل ابناء الشعب فالزيادة السكانية يعقبها انهيار في الدخل القومي والميزانية العامة للدولة. طالب بوضع أسس ونظم للتعامل مع الارتفاع الجنوني في تعداد السكان.. فالطرق القديمة للتوعية والارشاد لم تعد مناسبة ولابد من الوصول للفقراء ومحدودي الدخل والمهمشين وهم الفئة الأكثر احتياجاً لتوصيل الافكار الدعائية للحد من الزيادة المرعية في السكان سواء عبر وسائل إعلامية أو دينية أو ثقافية أو تعليمية فالأزهر والكنيسة والمدرسة والجامعة عليها دور للحد من الظاهرة. تقول د. سميحة نصر أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: ما حدث في السنوات الأخيرة من ارتفاع غير مسبوق في تعداد السكان جاء انعكاساً لتغيير في ثقافة ووعي الشخصية المصرية التي تغيرت معتقداتها وقناعاتها حول تحديد النسل والحد من الانجاب والتي كانت قد نجحت منذ سنوات بفعل المواد الدعائية التي كان يعرضها التليفزيون آنذاك والحملات الصحفية والدور الذي لعبته وزارة الصحة والسكان في توعية المواطنين من مخاطر تفاقم الانفجار السكاني. تضيف ان ما حدث من تحول تركيبة المصريين الثقافية والإنسانية مؤخراً دفع قطاعاً كبيراً من السكان إلي انجاب أكثر من طفل رغبة في تعزيز افكار قديمة تهدف إلي تكوين أسرة كبيرة تعينهم علي مشاق الحياة.. وهذه الفئة تسكن المناطق الشعبية والعشوائيات وهو ما يحتاج لآليات جديدة تسهم في توعية المواطن بمخاطر تنامي الزيادة صحياً واقتصادياً واجتماعياً. تطالب بحملات توعية عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية لتحذير الناس من مخاطر المشكلة. تضيف د. سميحة اننا نستطيع ان نستغل زيادة السكان بصورة إيجابية من خلال فتح افاق جديدة بالمناطق الصحراوية من خلال تشغيل ملايين الشباب فالثروة البشرية في مصر يمكن ان تكون مصدراً حيوياً وفاعلاً للدولة وليس هما ثقيلاً.. ومن خلالها يمكن المساهمة في دفع عجلة الإنتاج وزيادة الدخل القومي بدلاً من كونها طيلة سنوات طويلة كانت تمثل إحدي أدوات الاستنزاف المدمرة للدخل القومي. يشير إلي ضرورة الاستفادة من تجربة الصينوالهند في الاعتماد علي زيادة السكان واستغلالها بما يخدم الموارد والطاقات الإنتاجية بدلاً من استنزاف تلك الموارد. يري د. أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع وعميد كلية آداب جامعة القاهرة السابق ان الموروثات الشعبية والافكار الخرافية الظلامية تعود من جديد في سلوكيات المجتمع ولعل أبرزها في العشر سنوات الأخيرة كان لها تأثير في تزايد معدلات الانجاب وتحديداً في أوساط محدودي الدخل وأبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة. طالب بحزمة إجراءات سواء من جانب الحكومة والمجتمع المدني لنشر التوعية الصحية والبيئية والدينية للحد من تفاقم معدلات الزيادة في السكان بدولة نامية تحارب من أجل توفير احتياجات مواطنيها.. وهذا دور مؤسسات الدولة سواء وزارت الصحة والسكان والأوقاف والكنيسة أو الهيئات والمؤسسات المعنية بالسكان إلي جانب منظمات المجتمع المدني. تشير إلي ضرورة تغيير الأفكار والمعتقدات التي عادت للاذهان من الماضي والتي تؤصل لفكرة زيادة الانجاب دون أي ضوابط مما يهدد المجتمع المصري بالتهام موارده وارهاق خزينة الدولة. د. جبر محمد جبر استاذ علم النفس الاكلنيكي بجامعة بورسعيد يشير إلي أن الانفجار السكني في السنوات الأخيرة يرجع لأسباب نفسية واجتماعية ومادية تغلفها عودة رجعية لأفكار وموروثات قديمة سيطرت علي العديد من فئات المجتمع خاصة من الفقراء والمهمشين الذين يسكنون العشش والمنازل الآيلة للسقوط والعشوائيات وهؤلاء لا يجدون أي حملات أو قوافل علاجية وصحية تقدم لهم التوعية والخدمات الطبية بالإضافة لحملات من وزارة الصحة والسكان لتعريفهم بخطورة زيادة الانجاب سواء صحياً أو مادياً. تري د. عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: الازمة السكنية بعين مختلفة حيث تراها من زاوية نصف الكوب الممتليء ليس العكس.. فالزيادة في معدلات السكان تستطيع الدولة التعامل معها بصورة تخدم امكانياتها ومواردها ولا تسبب لها اعاقة بالتنمية أو الإنتاج.. بالعكس يمكن وضع استراتيجية لاستغلال الطاقة البشرية في مجالات الصناعة والزراعة خصوصاً ونحن مقبلون علي انفتاح اقتصادي في كافة المجالات حيث تعتبر قناة السويس الجديدة التي سيتم افتتاحها في اغسطس القادم عودة للمشروعات العملاقة التي سوف تحتاج خلال سنوات قادمة ليد عاملة ويمكن ان نخطط ونضع خارطة للمستقبل لدمجها في قطاعات الدولة.