القومسيون الطبي جهاز تابع لوزارة الصحة من مهامه تزكية طلب الحالات المرضية التي تحتاج إلي العلاج خارج البلاد. والسياحة العلاجية مورد مهم لاقتصادنا القومي. نتيجة توافد آلاف السياح العرب طلباً للعلاج في مصر. ظاهرة محيرة. يصعب تفسيرها. تذهب آراء إلي أن المعدات العلمية والتكنولوجية الحديثة موجودة في بلادنا. وأن المستشفيات والمراكز الطبية تزخر بالكفاءات الممتازة. وعندما يختار المواطن العربي القاهرة للعلاج. فإنه يفضلها علي مدن أخري في العالم. لن تعجز موارده عن السفر إليها. فلماذا يفضل المواطن المصري المقتدر مادياً أن يطلب العلاج في الخارج علي نفقته. أو يلح علي القومسيون بأشعة وتحاليل حتي يوافق علي طلبه. من الصعب وضع المشكلة في إطار محدد. وإن وجد البعض في السفر إلي الخارج تعبيراً عن تقليد توارثناه منذ عشرات السنين. قبل أن تساير مصر التقدم الطبي في العالم. وأشار البعض إلي ما يعيب مستشفياتنا من سلبيات يسهل تلافيها. أستأذنك في أن أروي لك تجربة شخصية. ربما مثلت إضاءة لظاهرة التناقض بين السفر إلي الخارج من طالبي العلاج المصريين. وسعي العرب إلي القاهرة طلباً للعلاج. حين وافق طبيب المخ والأعصاب الشهير أن يجري لي عملية في العمود الفقري. كان قد سبقه تسعة أطباء إلي الاعتذار عن عدم إجراء العملية. تلخصت اعتذاراتهم في ثلاث نتائج محتملة: التلوث. أو الشلل الرباعي. أو الموت. أكد الطبيب أن النتيجة الرابعة. الصحيحة. هي نزع الغضروف من حول النخاع الشوكي. فتعود العافية إلي الفقرات. قد أحتاج إلي ممارسة المشي داخل البيت أسبوعين. ثم أنزل إلي الطريق.. ويا دار ما دخلك شر!. ظلت الآلام بعد إجراء العملية سنة كاملة. نصح الطبيب بتبديل مراكز العلاج الطبيعي. لكن الآلام ظلت علي حالها. والخطوات علي تعثرها. نصح طبيب العظام الكبير أن أجري أشعة رنين وأشعة رنين بصبغة وتحليل. أكدت جميعها وجود التهاب بتأثير العملية. وأشار بحزام طبي. وشريط لاصق. وأدوية جديدة. قلت الآلام. لكن الخطوات ظلت علي تعثرها. والعودة إلي المشي كأنها الحلم الذي يصعب تحقيقه. أهملت ملاحظة الطبيب الشهير بأن العملية كانت تحتاج إلي السفر للخارج. ثقتي في أطباء مصر لا حدود لها. لكن آلام الظهر. والخطوات رغم ترددي علي الكثير من مراكز العلاج الطبيعي ما تزال تتعثر. والنتيجة التي بشر بها الطبيب الكبير حين أجري العملية ما تزال بعيدة. توالي تعاطي الأدوية. والجلوس علي أجهزة العلاج الطبيعي. وتمرينات المد والثني. لكن الأمل في التحسن أمنية غالية!. أنفقت الآلاف من حر مالي. والأمل قائم في إمكانية الشفاء. وممارسة ما تبقي من العمر بصورة صحيحة. هل خانني التوفيق في عدم إجراء العملية بالخارج؟ أو أن الظروف الضاغطة قد تفرض قبول المرء بما يجوز اقتناعه؟