اختلاف الأطباء: من يدفع الثمن؟! لأني تناسيت أن الوقاية خير من العلاج. وأن معظم النار من مستصغر الشرر. فقد أدركت متأخراً ما يعانيه عمودي الفقري من متاعب. أفصحت عنها آلام وأوجاع. تحولت في لحظات تالية إلي صيحات وتأوهات. ذكرتني برائعة يوسف إدريس "لغة الآي آي".. عندما يكتشف الإنسان ضعفه الإنساني. وأنه في حاجة دوماً إلي عون الآخرين. عرفت الطريق إلي عيادات الأطباء. وزادي وزوادي حيرة بين اختلاف التشخيص. وكثرة الأدوية. كل رأي يشير بعلاج. والعلاج يحدد أدوية. كأن الطبيب فطن إلي ما أشار به سواه. فلم يكرره. صار عندي إلي جانب الأدوية الثابتة التي اعتدتها في رحلات أمراضي السابقة مجموعات من الأدوية ما بين مسكنات وعلاجات لآلام الظهر. كلما شخص طبيب الحالة ونصح بأدوية. بادرت بشرائها. لا أستغني عما سبق. فربما عدت إليه في نصيحة طبيب لم أتردد علي عيادته. تعددت زياراتي إلي الأطباء بتعدد الصراخ الذي انطلق من داخلي إلي فمي. وتكونت صيدلية لا بأس بها قد تفيد في حالات كثيرة. لمرضي آخرين. لكنها ظلت كاللغز الحائر في حالتي القاسية. أجريت تحاليل وأشعة مقطعية وأشعة رنين. وكررت بأمر الأطباء ذلك كله وأحسست بعبثية ألبير كامي حين رفض الطبيب الجديد كل ما أجريته من تحاليل وأشعة. وأصر أن ألجأ إلي مختبر جديد أسعاره تزيد بأضعاف عما تقاضته المختبرات الأخري. لكن نتائجه هي ما يطمئن إليه الطبيب! وضعت كل النتائج بين يدي الطبيب الجراح في العمود الفقري. لكنه فاجأني بالقول إن العملية التي أحتاجها قد يجريها طبيب مخ وأعصاب. وهو ما يغيب عن تخصصه!.. وحدد لي أسماء ثلاثة أطباء ترك لي اختيار أحدهم. لماذا الدوخة إذن؟ ولماذا تعددت طلبات التحليل والأشعة. والأسئلة التي تناقش حتي نوعية الطعام. وكيفية النوم. وموعده. والأوقات التي أقضيها واقفاً. أو جالساً. أو نائماً. ولماذا اختلف التشخيص بين طبيب وآخر. إلي حد أفقدني القدرة علي الفهم؟ أعدك بأني سأعود إلي حديث المرض والأطباء من خلال محنة عانيت قسوتها. حتي وجدت أخيراً من نظر إلي أشعة رنين واحدة مرفوضة. وقال: هذه هي المشكلة.. لو أننا أزلنا "الكلكيعة" في الفقرة الثانية عشرة علي واحد. فسيزول الألم.. والمرض!