استنكر علماء الأزهر الشريف قيام مسئولي إحدي مدارس الجيزة بحرق كتب دينية تراثية بدعوي أنها إخوانية وتدعو للتطرف والتشدد وتحض علي العنف. الغريب أن بعض هذه الكتب كما تم نشرها علي المواقع لعلماء مشهود لهم بالوسطية والاعتدال وأنهم من خيرة علماء مصر مثل الراحل د. عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق ود. زغلول النجار ود. عبد الرازق السنهوري وغيرهم.. والأغرب أنه تم حرق كتب للمجلس القومي لمكافحة المخدرات ورابطة خريجي كلية التربية والكاتبين الصحفيين سمير رجب وجلال دويدار وغيرها من الكتب التي لا ناقة لها ولا جمل في الحث علي العنف والإرهاب. وإذا افترضنا جدلا أن بعض الكتب تدعو للتشدد فهل من الأفضل تنقيتها وتطويرها أم تبديدها وحرقها ؟.. هذا ما أجاب عليه علماء الدين في هذه السطور. يقول د. أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء إن حرق الكتب التراثية يحمل بين طياته الغفلة وعدم معرفة أهمية التراث.. فالأمة بلا تراث تكون أشبه باللقيط الذي لا أصل له.. ولذلك أقول للذين يريدون إلغاء التراث أو حرقه أنتم تلغون من حيث لا تدركون أصالة الأمة وثقافتها وهويتها لأن التراث له أهمية في ثقافة الأمم وحضارتها وعقيدتها وهويتها. أضاف د. هاشم أنه لا مانع من تجديد هذا التراث إذا كان فيه بعض الشبهات فهذا أمر مطلوب ويجب الاستفادة منه أو الإضافة إليه فلدينا رسائل ماجستير ودكتواره تقدر بالآلاف استوحي أصحابها معلوماتهم من هذه الكتب التراثية واستشهدوا بها في رسالاتهم وهذا يعد خطوة نحو التطوير والتجديد المنشود. خطأ جسيم د. حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق يري أن التخلص من هذه الكتب بهذه العشوائية خطأ جسيم لأنه كان من الأولي أن يتم تشكيل لجنة علمية دينية ثقافية من أساتذة الجامعات علي مستوي عال لإبداء وجهة نظرها في كل كتاب علي انفراد لأنها تعرف قيمة هذه الكتب بدلا من الاستعانة بمجموعة من المدرسين لا يدركون أهمية ما بين أيديهم. أكد أن حرق الكتب إتلاف للمال العام وجريمة أمام القانون لأنه إذا ألغي تراث أمة ضلت الطريق مشيرا إلي أنه لا مانع من تنقية كتب التراث وتحديثها وتطويرها أما تبديدها والتخلص منها بهذه الطريقة الهدف منها أن تتوه هوية هذا الشعب المسلم وهذا لا يقل شأنا عن الجرائم التي ترتكب في حق الآثار أو المتاحف أو غيرها ويذكرنا بما ارتكب في التاريخ من جرائم حرق التتار لمكتبات بغداد وجهلاء القرون الوسطي من الأوروبيين لكتب ابن رشد والتي كانت سببا في تنويرهم وتقدمهم وثورتهم العلمية. د. محمد الشحات الجندي أمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية الأسبق وعضو مجمع البحوث بالأزهر يقول إن حرق كتب التراث جريمة يحاسب عليها القانون فلا يجوز أن نرد علي من يختلف معنا في الفكر بهذه الطريقة الهمجية التي تؤثر بشكل سلبي علي مشاعر الطلاب وفكرهم وطريقة تعاملهم في المستقبل مع كل ما يخالف آراءهم وأفكارهم لأن اللجنة التي قامت بحرق الكتب والمشكلة من مدرسين بالمدرسة تعتبر قدوة بالنسبة للتلاميذ الذين سيسيرون علي نفس النهج في التعامل مع الآخر. أشار إلي أن د. عبد الحليم محمود ود. السنهوري وغيرهما من العلماء المشهود لهم بالورع والصلاح وكتبهم تدرس في الجامعات منذ عشرات السنين.. وبالتالي فإن هذا التصرف غير المسئول بحرق كتبهم لا يقره عقل ولا دين وينم عن جهل بقيمة هؤلاء العلماء الأجلاء. طالب د. الجندي بالتحقيق في الواقعة ومعاقبة كل من يثبت تورطه في هذه الجريمة. التطرف بعينه أكد د. أحمد البحيري استشاري الصحة النفسية أن حرق الكتب لا يقضي علي التطرف بل هو التطرف بعينه فمشهد الحريق الذي حدث أمام التلاميذ يجسد الاستبداد وينمي العنف في داخلهم وسيظل عالقا في أذهانهم وبالتالي سيؤثر علي نفسيتهم في المستقبل خاصة أن بعض الكتب التي أحرقت لا تحرض بالفعل علي العنف والإرهاب وهذا ما سيكتشفونه في الكبر.. وحتي ما يحتوي منها علي بعض الأفكار المتشددة كان من الأجدر حذفها وتطويرها ومعالجة الفكر بالفكر وتعليم التلاميذ كيفية نقد الآخرين وفق منهجية علمية سليمة بعيدة عن التشدد والتعصب الذي قضي علي إحساسهم بقيمة الكتاب والقراءة.