التعليم الأزهري هو المفرخة الأساسية لتخريج علماء ودعاة قادرين علي حمل رسالة الأزهر العالمية وتجسيد صورة الإسلام السمحة بوسطيته واعتداله في كل مكان في العالم . وإن تطوير التعليم الأزهري أصبح الشغل الشاغل لفضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر منذ توليه المسئولية وهذا ما يؤكده العلماء الذين يطالبون بضرورة أن يبدأ التطوير بإصلاح التربة وهي التعليم الأزهري ما قبل الجامعي فلا يمكن أن يبدأ التطوير من الرأس دون إصلاح الجسد .ووضع العلماء روشتة الإصلاح والتطوير للتعليم الأزهري بمراحله المختلفة سواء الأساسي منها أو الجامعي حتي يمكن تخريج أجيال قادرة علي العودة بالأزهر إلي عهوده الزاهرة ¢عقيدتي¢ رصدت آراء العلماء في هذه القضية في سياق التحقيق التالي الشيخ عثمان زوبعة . الأمين العام السابق للمجلس الأعلي للأزهر. أن تطوير التعليم بالأزهر يسير وفق منهجية إصلاحية موضوعة لاستعادة رسالة جامعة الأزهر العالمية . ونحن نركز خلال المرحلة المقبلة علي تطوير المناهج الدراسية بكل كليات الجامعة لتجمع بين الأصالة والمعاصرة وتواكب المتغيرات الحديثة في كافة العلوم مع التركيز علي المنهج الإسلامي الوسطي والمعتدل . لأن مواصلة عملية تطوير العملية التعليمية تأتي في مقدمة الاهتمامات خلال الفترة المقبلة. وسأقوم بالتنسيق مع شيخ الأزهر في كل القرارات والخطوات المقبلة. ونحن نعمل علي استمرار عملية الجودة داخل الكليات وتعليم الطلاب وأعضاء هيئة التدريس اللغات الأجنبية. كما أن الجامعة ستقوم بعمل بعثات ومنح لطلابها بالخارج لزيادة قدراتهم العلمية وانفتاحهم علي الآخر. وستستمر سياسة الجامعة في تحقيق مفهوم الجودة الشاملة بتطوير البرامج التعليمية وتحديثها في المعاهد الأزهرية لتحقيق مفاهيم الأصالة والمعاصرة والاهتمام بالتراث الإسلامي وأصول الدين والشريعة الإسلامية. مع بث روح العصر والأخذ بالعلوم الحديثة والمتغيرات التقنية لتأهيل خريجي الأزهر لاحتياجات سوق العمل وإعداد جيل قادر علي حمل رسالة الأزهر علي المستويات المحلية والإقليمية والدولية ومواكبة احتياجات المجتمع. ويضيف الشيخ زوبعة: إن الأزهر وهو يطور نفسه يعمل أيضا علي تحصين الطالب الأزهري ضد التيارات الوافدة يتم من خلال ثلاث وسائل: الأولي تتمثل في تدريس التراث الأزهري في مجال علوم اللغة العربية وأصول الدين وعلوم الشريعة الإسلامية وهذا التراث يتميز بالجودة في مضمونه وفي محتواه وفي خلوه من أي أفكار مخالفة لفكر الأزهر أو أي ثقافة مخالفة للثقافة الأزهرية التي تنطلق في الأساس من الوسطية الإسلامية. وبذلك نضمن جودة المحتوي المقدم للطلاب ونضمن البعد عن الكتب التي قد تكون فيها بعض الأفكار المخالفة لفكر الإسلام الوسطي. تنقية التراث يقول الدكتور محمد الدسوقي. أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة : بلا شك فإن من أهم السلبيات الموجودة في المعاهد الأزهرية هو تدريس كتب التراث القديم دون تنقيح أو إعادة صياغتها وعرضها بما يتناسب مع الفكر العصري وتطوير التعليم الأزهري لا بد أن يرتكز في المقام الأول علي نهج الإمام محمد عبده من حيث أهمية التربية. ومتابعة العلوم الجديدة. علي أن يشمل هذا التطوير الاهتمام باللغات الأجنبية. وإدخال كافة العلوم داخل المعاهد الأزهرية حتي تلك التي تتعلق بالتعليم الفني في إطار مواكبة العصر وملاءمة الواقع. وأكد د.الدسوقي: أن قضية تنقية كتب التراث تحتاج لمعالجة موضوعية جادة وواعية تدرك أن التراث فكر إنساني يعبر عن مفاهيم علماء الكتاب والسنة وأن هذا الفكر بشري لا يخلو من بعض الهفوات أو الاجتهادات التي يمكن الرد عليها. وأشار إلي أن هذا لا يعني أن تراثنا مليء بالأفكار الفاسدة فنحن ننفرد بأن تراثنا صدي لعقيدتنا وأن بعض الذين يتخذون من الروايات الضعيفة أو المدسوسة عمداً في تراثنا نيتهم فاسدة ولديهم أهداف خاصة حول الطعن في كل التراث الإسلامي ودوره الحضاري. كي لا يعترفوا بإسهاماته في بناء الحضارة الإنسانية. علي الرغم من أن الإسلام في الأندلس وغيرها ساعد الغرب علي التقدم والخروج من عصر الظلام عندما تم نقل الفكر والنتاج العلمي لعلماء الإسلام وترجموا كتب التراث وفي مرحلة تالية درسوا هذا التراث جيداً بهدف التعرف علي الشخصية العربية الإسلامية قبل توجههم لاستعمار عالمنا الإسلامي . كما أنه لا يستطيع أحد أن ينكر وجود ملايين الكتب والمخطوطات العربية الإسلامية في مكتبات أوروبا. وأضاف د.الدسوقي: إن الذين يتعقبون ما دس في تراث الأمة من أفكار غير إسلامية ويهاجمون الصحابة يسعون للطعن في الإسلام وليس الصحابة والتشكيك في كل الثوابت الإسلامية مما يعد ظاهرة مخططاً لها من جهات معينة تخدم أعداء الإسلام ولا تسعي للحرية الفكرية كما يدعون. وقال : إبان هذا الصراع الذي تتعرض له الأمة من حروب ساخنة وباردة كي لا تحقق نهضة أو مستقبلاً كريماً يجب علي المؤسسات الإسلامية أن تهتم بالرد علي هذه الافتراءات خاصة إذا كانت ممن يحملون أسماء إسلامية ومطلوب من الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية بذل مزيداً من الجهد لتفنيد هذه الأباطيل. أما السكوت فخطأ كبير يزيد من مساعي أعدائنا للنيل من ديننا. كما يجب أن نبين أن قضية تنقية كتب التراث لا تمثل مشكلة تقلقنا لأنه يمكن معالجتها خاصة أن العلماء قديماً وحديثاً تنبهوا إليها وكتبوا فيها أبحاثاً وردوا عليها بطريقة موضوعية غاية في الوضوح والدقة. إصلاح التربة ويري الدكتور نصر فريد واصل . عضو هيئة كبار العلماء . أنه لن يصلح حال الأزهر إلا إذا بدأنا بإصلاح التربة التي سنبني عليها . بمعني أنه لابد من إعادة النظر في المعاهد الأزهرية بمراحلها المختلفة الابتدائية والإعدادية والثانوية . لأنها تمثل الروافد الأساسية التي تغذي الجامعة فإذا كانت هذه الروافد غير صالحة فذلك يعني أن المنتج سيكون سيئاً . ولابد أن نشهد جميعاً ودون مجاملة لأحد أنه في العامين الأخيرين ومنذ تولي فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر المسئولية بدأت حركة الإصلاح الحقيقية وبدأت حركة إلزام والتزام تحمل التعليم الأساسي الأزهري خاصة علي شيء من الجد والسير في طريق الإصلاح . ولذلك نقول أنه في إصلاح جامعة الأزهر لابد أولاً أن نصلح الروافد أو حال الناشئة . وليست العبرة بالكثرة العددية في طلاب الأزهر وإنما العبرة بالكفاءة النوعية لأننا نريد تخريج أجيال قادرة علي حمل الرسالة بشكل صحيح خاصة في ظل هذه المرحلة الحرجة من عمر الأزهر وعمر الأمة الإسلامية بشكل عام. ويضيف د.واصل : وفي رأيي الشخصي أن هناك مشكلات عديدة تواجه طلاب المعاهد من أهمها عدم حفظ القرآن الكريم لدرجة أننا كثيرا ما نفاجيء بالطالب ناجح في بقية المواد وراسب في حفظ القرآن حتي علي مستوي الجامعة وحتي إذا حفظه لا يكون بالتجويد وهذه مشكلة كبيرة فلا يعقل أن يكون طالبا أزهريا ولا يحفظ القرآن.. والحل الوحيد هو عودة الكتاتيب للأزهر الشريف من جديد.. فمنذ قديم الزمن والأزهر يهتم بالكتاتيب ويعرف قيمتها مما ساهم في تخريج علماء في كافة المجالات.. فالذي يتعلم في الكتاب يكون طالبا متقنا للقرآن الكريم فالكتاتيب تعتمد علي منهج التلقين والشفاهية والترديد فهكذا أنزل القرآن وهكذا توارثته الأمة جيلا بعد جيل.. وهذا الأسلوب يساعد علي سرعة الحفظ والاستيعاب كما أنه يقوم لسان الطفل ويقوي مخارج الحروف ويجعله ينطق لغة عربية صحيحة ويكون لديه قدرة كبيرة علي استيعاب كل المواد لأن القرآن يوسع إدراكه ولا شك أن الأزهر لو قام بإنشاء مثل هذه الكتاتيب وتولي الإشراف عليها سيسهم ذلك في حفظ الدين وحفظ القرآن الكريم. وتخريج علماء علي مستوي عال من العلم وفي النهاية نحن نقول أن إمكانية الإصلاح موجودة ونحمد الله أن الأزهر لا يزال يحتفظ باسمه علي المستوي العالمي . وعلينا أن نغتنم سمعته لأنه مشهور حتي هذه اللحظة بالاعتدال والاتزان . بل ومع الشدائد كان اللجوء إليه أكثر ورأينا الدول التي قد تحللت منه نسبياً أو حاولت أن تناصبه الصراع نسبياً بدأت تعود إليه ثانية لأنها اكتوت بخريجيها من حيث التشدد والتطرف وما شابه ذلك فما زال الأزهر محتفظاً بمكانته بأنه الحصن الحصين للاعتدال والوسطية الإسلامية خاصة في ظل السياسة الحالية التي ينتهجها الإمام الأكبر للعودة بالأزهر بقطاعاته المختلفة إلي عهوده الزاهرة. تأهيل المدرس قالت الدكتورة آمنة نصير. العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر :من السهل أن نبني معهداً أو كلية ونطور منهجاً لكن التحدي الأكبر هو تأهيل المعلم بحيث يكون قادرا علي تدريس هذا المنهج. فهل مدرس التعليم الأزهري الموجود حاليا مؤهل نفسيا وتربويا لتحمل مسئولية إعداد جيل من العلماء يستطيع أن يحمل راية الإسلام ويدافع عنه في كل المحافل. وهل المعلمون مؤهلون لتربية أولادنا قبل تعليمهم؟. وللأسف الإجابة عن هذه التساؤلات سيكون بالنفي وذلك لأن المعلمين في المعاهد الأزهرية ليسوا مؤهلين تربويا . وإن التأهيل التربوي فن يجب أن يكون المعلم مزودا به. فالمعلم لابد أن يجيد عدة مهارات وقدرات من أهمها أن يكون متمكنا في مادته العلمية وهذا هو الجانب العلمي أو المعرفي وأن يكون محبا للعطاء راغبا في إفادة الآخرين. وهذا هو الجانب النفسي لأن المعلم لا يعطي معلومات وخبرات ومهارات للآخرين فحسب لذلك لابد أن يكون لدي المعلم من الميول المهنية والنفسية ما يمكنه من هذا العطاء. كما يجب أن يكون علي دراية بالمهارات التربوية في تقديم المادة العلمية. وهذا هو الجانب التربوي. فالمعلم لابد أن يكون متمكنا من طرق التدريس وأساليب تقديم المادة العلمية بشكل بسيط يتقبله ويستوعبه التلاميذ كل حسب قدراته الاستيعابية. كما يجب أن يكون المعلم قدوة حسنة يحتذي بها طلابه. وهذا هو الجانب الاجتماعي لإعداد المعلم. فالمعلم يقوم بدور المدرس والأب والموجه والمرشد. وهذه الجوانب المهمة في شخصية المدرس لا تتوافر كثيراً لدي معلمي المعاهد الأزهرية أو خريج جامعة الأزهر الآن. لذلك فإنه يجب العمل علي أن يتم إدماج المدرسين في دورات تربوية. وأن يتم تكثيف هذه الدورات. وأن يكون هناك تقويم موضوعي للمدرسين يتم بناء عليه استمرارهم في الوظيفة التربوية أو تحويلهم إلي وظيفة إدارية. وضرورة وضع ضوابط لاختيار المدرسين الجدد في المعاهد الأزهرية فيجب أن يتم انتقاؤهم من المتفوقين بجامعة الأزهر . وذلك بعد عقد مقابلات شخصية لهم حتي نطمئن علي قدرتهم علي ممارسة العملية التعليمية.