الطرق في مصر تحولت لمصائد موت يفوق ضحاياها ضحايا الحروب ولا ينافسهما في إزهاق الأرواح إلا الإرهاب الأعمي.. وتستأثر مصر بأعلي المعدلات العالمية في الوفيات الناجمة عن تلك الحوادث. بمعدل بلغ 3.156 حالة لكل 100 ألف مركبة. وتتعدد الأسباب والموت واحد» فأخطاء العنصر البشري تتسبب وحدها في 71% من تلك الحوادث "بحسب تقرير لمركز معلومات مجلس الوزراء 2006" ناهيك عن سوء حالة الطرق. من مطبات ومنحنيات وغياب شرطة ورقابة المرور. وضيق حارات طرق أنشيء بعضها من بدايات القرن الماضي دون توسعة أو استحداث بدائل تستوعب الزيادة السكانية المطردة كل عام والنتيجة طرق متهالكة وعذاب يومي مع المواصلات ناهيك عن حصد الأرواح بصورة شبه يومية. ولخطورة هذه الظاهرة وتداعياتها المدمرة للبشر والحجر فقد أفردت لها مساحة منتظمة ضمن ثلاثة كتب وثائقية. صدرت لي ضمن سلسلة كتاب الجمهورية. راصدة أحوال مصر في أعوام 2008. و.2009 و..2010 هذه الكتب سجلت عشرات الحوادث وآلاف الضحايا في 3 سنوات فقط.. وإليكم بعضاً مما استخلصته: 389 ألف حادث وقعت علي مدي 17 عاماً. وخلفت نحو 89 ألف قتيل. و380 ألف مصاب. عام 2009 شهد وحده نحو 22793 حادث سيارة بنسبة 9.8% عن عام .2008 الطرق السريعة وحدها استأثرت بنحو 5014 حادثاً بمعدل زيادة 22% وتراوحت حالات الوفاة لكل ألف مركبة بين 20 و25 ألف حالة. الخسائر المادية نحو 16 مليار جنيه سنوياً. وثمة تقارير تحذر من كارثة مرورية متوقعة في عام .2019 نقابة الأطباء تؤكد أن نسبة حوادث الطرق في مصر ارتفعت إلي 25 ضعفاً عن المعدلات العالمية. إحصائية صادرة عن وزارة الصحة "2008" تؤكد وقوع 73 ألف حادث علي الطرق المصرية. وبلغ ضحاياها 245 ألفاً بين قتلي ومصابين. ارتفعت حوادث القطارات عام 2007 إلي 1231 حادثة بزيادة بلغت 3.26% مقارنة بعام .2004 أما أطرف حوادث القطارات التي رصدها كتاب "أحوال وطن 2010" وهي سابقة فريدة من نوعها أن أحد سائقي القطارات بالإسكندرية غادر القطار بعد تشغيله. فانطلق دون سائق لمسافة 6 كيلومترات من محطة القباري. ولم يتوقف إلا بعد أن دهس في طريقه خمس سيارات ما بين ملاكي وأجرة بمنطقة سموحة. وقتل مقاولاً ونجله بخلاف المصابين.. وكم في مصر من المضحكات المبكيات..!! الحكومة الحالية غير مسئولة بالضرورة عما اقترفته حكومات سابقة من آثام. خصوصاً التقاعس عن حل أزمة المرور ووقف نزيف الأسفلت لكنها قبلت المسئولية. وعليها تقديم حلول غير تقليدية لإنقاذ آلاف البشر يقضون سنوياً لأسباب معروفة وأخطاء تتكرر.. وهو ما يدركه الرئيس السيسي. فجعل للطرق ومحاورها نصيباً في برنامجه الانتخابي بإنشاء شبكة جديدة تمتد بآلاف الكيلومترات لتلبي حاجات العمران والزيادة السكانية ضمن المشروع القومي للطرق.. لكن لم تقل لنا الحكومة ماذا ستفعل مع مشكلات الطرق القديمة واختناقاتها المزمنة وأزمة السكك الحديدية المتراكمة.. ماذا ستفعل لوقف نزيف الخسائر..؟!