حين تناولت حكايتها تحت عنوان "أنا الساقية" تعاطف معها كثيراً وجاء اتصاله بي ليس لطلب بياناتها فحسب. وإنما لمد يد العون لها. إنما للسفر إليها. حيث تقيم بإحدي قري مركز ميت غمر دقهلية.. واعتزم القارئ الكريم. وتوكل علي الله ليقطع عشرات الكيلومترات ويلتقي بالسيدة المكافحة "رشا حسن المرسي" ليمنحها قيمة التبرع الذي أعانه الله عليه وقدره ألف جنيه مساهمة منه في ثمن شراء "ديب فريزر" للبدء في مشروع من "منازلهم" للحوم والطيور المجمدة. وبعد مقابلته بها عاود الاتصال معي من جديد ليس من باب طمأنتنا علي وفائه بما قطعه علي نفسه بمساعدة صاحبة "الساقية" أجري اتصالاته ببعض من يعرفهم من محبي الخير للتواصل مع الباب عسي أن يكملوا ما بدأه بإتمام المبلغ المطلوب لشراء الجهاز الذي تحتاجه تلك السيدة. هكذا كان اهتمام ابن قرية الإخصاص بمركز إمبابة وتحركه الفوري للأخذ بيد هذه الأم المكافحة وهو حال عموم أهل الخير عند تعاطفهم مع أصحاب الظروف الصعبة والبسطاء ولأن لكل قاعدة شواذ أو استثناء. فإن الشاذ هنا هو صاحب المكالمة التي وصلتني يوم الأربعاء الموافق 11/3/2015 عقب نشر رسالة "لهيب العيش" لصاحبتها أسماء مأمون محمد. قدم نفسه أنه موظف يعمل بأحد البنوك ولديه استعداد فائق لمساندة صاحبة هذه الرسالة. فحددت له موعداً لمقابلتها بمقر الجريدة. وبعد تحديد الموعد اعتذر عن الحضور بحجة أنه لا يريد أن يشق عليها وأنه سيكتفي بإرسال حوالة بريدية بقيمة التبرع الذي رصده لها علي مكتب بريد "أجا" بالمنصورة. وما كان مني سوي المتابعة مع الشاكية لمعرفة هل وصلت الحوالة؟!.. وهل صرفتها؟!.. وللأسف لم تتلق منه شيئاً. وكلما تتصل به لا تسمع منه سوي: بكره أو بعده بالكثير سيكون المبلغ لديك.. فحاولت من جانبي معرفة مدي جديته في مساعدتها وأسباب تأخره في إرسال الحوالة. وجاء اعتذاره بأنه كان عنده "حالة وفاة" شغلته قليلاً. وفي خلال يومين ستصلها الحوالة.. إلا أن اليومين صارا أسبوعين. ولحسم الأمر أجريت اتصالاً أخيراً تجنباً لإساءة الظن. لكنه وبلغة الواثق أخذ يؤكد أن الموضوع انتهي وأن كعب الحوالة التي بعث بها للقارئة معه.. عاجلته قائلة: إذن احضر إلي الجريدة وأطلعني عليه لأواجه به الشاكية التي لا تزال تنفي وصول أي حوالات باسمها لمكتب بريد أجا.. ثم انتظرت مجيئه في الموعد المحدد. وللأسف لم يأت.. ليثور سؤال: ما الذي استفاده هذا الشرير من مكالمته للجريدة. وتأكيده علي تقديم المساعدة المطلوبة لصاحبة "لهيب العيش" التي بمجرد أن علمت بأن هناك تبرعاً قادماً لها حتي بدأت تستدين لمواجهة جانب من مشكلاتها علي أمل الرد عند صرف الحوالة؟!! أكرر: ما الفائدة التي عادت علي هذا الشرير. لكي يتلاعب بظروف تلك السيدة المسكينة سوي التلذذ بمعاناتها وضياع أوقاتنا معه؟!.. وهذا بعض ما نكابده في المهنة. حينما نتعرض لهذا الصنف من مُدعي الخير. وهم في النهاية قليلون. مقارنة بأعداد أهل العطاء الفعليين. الذين تتسم تعاملاتهم معنا بمنتهي الصدق والشفافية.. هؤلاء الذين تبقي دعوتي لهم بالوقوف إلي جانب "الست أسماء".. وهذا ملخص عن ظروفها: 1⁄41⁄4 إنها سيدة جربت حظها في الزواج مرتين. في الأولي أوهمها أنه رجل "كسيب" وأن حياتها معه ستكون "جنة" وصدقته. لكن بمجرد أن أنجبت منه البنتين أعطاها الوجه الآخر. فتوقف عن الخروج للعمل والإنفاق عليهن. مما دفعها للنزول و الخدمة بالأفران. وليته تركها وحالها. بل كان يتربص بها ليحصل علي الجنيهات القليلة التي تأتيها من الفرن. ومع الوقت اكتشفت أنه ليس مجرد عاطل له سجل حافل بالسرقات. تشهد عليه محاضر الشرطة. ليصبح بقاؤها معه مستحيلاً. بعد طلاقها منه ظنت أن مشاكلها قد انتهت. وأنها ستعيش فقط لابنتيها. لكن نظرة المجتمع لها كمطلقة. لم ترحمها. ولم تجد سبيلاً سوي الزواج مرة أخري. و"أهو ضل راجل".. يحفظها من القيل والقال. ويرعي معها ابنتيها. إلا أنها لم تجد منه سوي الطمع والجشع. فبات يستحوذ كسابقه علي أجرها من الفرن الذي ظلت تعمل به حتي تواجه أعباء المعيشة التي تضاعفت عليها بعد أن رزقها الله منه بولدين "توءم"!!! وإزاء إصرار زوجها الثاني علي الاستيلاء علي مكسبها من "الفرن" وعدم اكتراثه بالخروج للعمل وتحمل مسئولياته كزوج وأب. طلبت منه الطلاق. ليمضي إلي حال سبيله. وتواصل هي السعي علي قوت أولادها الأربعة.. وكان عليها أن تتحمل حرارة الأفران العالية. حتي تنتهي من متطلبات زواج ابنتها الكبري. وتطمئن عليها في بيتها.. لكن دوام الحال من المحال. فبعد زفاف ابنتها أصابها مرض مزمن نتيجة تعرضها الدائم لحرارة الأفران. منعها من الاستمرار في العمل. حتي المبلغ الصغير الذي كانت تدخره للأيام أنفقته علي العلاج!! تقول أسماء: كنت أحلم بمشروع صغير يعينني علي استكمال المشوار مع أولادي. فسعيت لطلب ترخيص بكشك بموقف "أجا" والحصول علي مسكن من المحافظة يرحمنا من الحجرة غير الآدمية التي خصصها لنا أبي في منزله. ولا حياة لمن تنادي!! واختتمت رسالتها قائلة: لقد ضاق بي الحال في ظل تجاهل المسئولين بالمحافظة لمطالبي.. فأخبريني ماذا أفعل حتي أنجو بأولادي من لهيب العيش؟!! المحررة :