السنة النبوية غنية عامرة بأحاديث التيسير ومنها ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إنَّ الدِّين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه .. وروي البخاري عن عائشة قالت: "ما خُير رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما". وهذا عام في أموره صلي الله عليه وسلم وأمور أمته .. كما روي مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "إنَّ الله لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا ولكن بعثني معلمًا ميسرًا". كذلك روي مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "إنَّ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه" .. وعن عائشة رضي الله عنها أيضا قالت: "إنَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم خرج من عندها وهو قرير العين طيب النفس. ثم رجع إليها وهو حزين فقال : إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن فعلتُ إني أخاف أن أكون قد أتعبت أمتي من بعدي" وذلك لعلمه صلي الله عليه وسلم أن أمته لشدة شوقها إليه ومحبتها له وتعلقها بجنابه الشريف صلي الله عليه وسلم ستكون حريصة علي اقتفاء أثره وسنته. وقد حزن صلي الله عليه وسلم لفعله أمرًا قد لا يكون ميسورا لجميع المكلفين من بعده. وقد كان صلي الله عليه وسلم يخفف في الصلاة ويتجوز فيها رفقًا بحال المأمومين. ومراعاة لما قد يُشتت بالهم من شواغل الحياة وصوارفها. فقد روي البخاري أنه صلي الله عليه وسلم قال: "إني لأقومُ في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن أشق علي أمه". وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "لولا أنْ أشقَّ علي أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة أي لولا خوف الحرج والمشقة لجعلت السواك شرطًا للصَّلاة كالوضُوء". وقد ورد في هذا المعني أحاديث كثيرة جدًّا وهي تحمل دلالة واضحة علي أنَّ رفع الحرج والمشقة من الأصول التي بُني عليها شرعنا الحنيف. والغرض من استعراض هذه الآيات والأحاديث الشريفة أنْ نبين أن التشديد والغلو والتطرف والإرهاب لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بدين الإسلام كتابا أو سنة. وأن المتشدد أو المتنطع ما تشدد أو تنطع إلا لانحرافه عن القرآن والسنة. فالقراءة المنحرفة والفكر المعوج الموجه هو الذي يخرج الناس من سعة الإسلام إلي ضيق الفكر المتطرف.