الحنين إلي ماضي بات بعيداً. ورغبة قوية في الهروب من حاضر هربت منه البهجة وغلبت عليه الجهامة أخذوني إلي عالم الفانتازيا وإلي حكاية "سندريللا" المعروضة في القاهرة الآن. من فيكم لم يسمع حدوتة هذه الشخصية الخيالية التي ألهمت الكتاب والرسامين وكتاب المسرح وصناع السينما. الحدوتة قديمة جداً ويقال أن لها وجوداً في حواديت مصر القديمة انها مجرد حكاية من صنع الخيال عاشت لأسباب أحاول أن استخلصها وأنا استعيد حوادثها. لقد مضي ما يقرب من قرن من الزمان علي أول شريط سينمائي يستلهم حكاية هذه البنت الآسرة.. والآن يعرض في السينما طبعة جديدة لانج من حكاية "سندريللا". نسخة مُشْبعَة بنفس السحر وتثير نفس الحماس. ومن بين النسخ العديدة التي عالجت حكاية "سندريللا" تظل نسخة ديزني الأولي التي أبدعها عام 1950 الأكثر شعبية والأكثر إلهاماً لصناع السينما حسب آراء النقاد. والنسخة الأخيرة المعروضة الآن والتي أخرجها الممثل والمخرج والمنتج البريطاني كينث براناه "55 سنة" تؤكد تأثر كاتب السيناريو والمخرج نفسه بالفيلم بعدما يقرب من 65 سنة علي انتاجه. تلعب دور زوجة الأب الشريرة الممثلة الرائعة كيت بلانشيت وتؤدي شخصية سندريللا الممثلة الشابة ليلي جيمس "مواليد 1989" ودور الساحرة والأم الروحية "هيلينا دونهام كارتر" والفيلم حقق حتي الآن 265 مليون دولار حسب المنشور في الصحف. ما سر هذا السحر الجارف لحدوتة "سندريللا" رغم تغير الأذواق والأفكار وجماهير السينما؟؟ هل هو الخيال الفاتن والبطلة المفتونة بالحب والجمال الطبيعي والمعجونة بالبراءة وبالقيم الخَيَّرة التي غرستها فيها الأم قبل أن تموت؟! هل سحر البطلة الجاذب لحيوانات المزرعة. أم الحب من أول نظرة والنهاية السعيدة التي جمعت بينها وبين الأمير الذي صار ملكاً وجلست إلي جواره كملكة؟! هل هو الخيال الطفولي الرومانسي الرائق الذي يجازي الطيب بطيبته والشرير بأفعاله؟.. الأمل المنتصر علي القسوة وعلي الشر المتربص بالجمال والبراءة والحب؟ هل غياب جميع مظاهر الحياة المدنية والتلوث البيئي والبشري وعتمة النفوس سبب نفسي كامن في اللاوعي؟؟ في اعتقادي أنه ليس بالقصة وحدها يُولد الفيلم السينمائي مشاعر البهجة والمرح والخيال المثير. فقبل القصة هناك القدرة الفنية علي خلق عالم جميل وتجسيد الشخصيات واختيار الأماكن وبعث البيئة الفنية بتفاصيلها التي تلعب فيها الموسيقي والملابس وروعة التصوير والآن دخل الكمبيوتر. بانتاجه البصري المُبهر وكذلك إضافاته في مجال المؤثرات إلي جانب اختيار الممثلين هناك عدد كبير من المشاركين في هذا الفيلم حاصلون علي جوائز الأوسكار ومنهم المخرج نفسه وبطلة الفيلم "بلاشيت" و"هيلينا دونهام كارتر". إن سحر السينما يتحقق بصناعة متطورة وخيال مبدع ومُشِبع معنوياً وروحياً يجدد الطاقة ويرسم للحياة صورة ملونة متفائلة.