نجحت دولة التشيك في مشاركتنا الاحتفال بثورة 25 يناير بشكل حضاري راق وذلك من خلال مشاركتها في الحفل الختامي لأوركسترا القاهرة السيمفوني الذي أقيم علي المسرح الكبير بدار الأوبرا وكان حفلاً مميزا وناجحا فنيا وجماهيريا. أهدتنا فيه مقطوعة موسيقية تشيكية لمؤلف تشيكي عالمي ومن خلال مايسترو من جيل القادة الشباب في هذه الدولة المتقدمة والتي للموسيقي دوراً بارز في حضارتها والمقطوعة يؤديها الاوركسترا المصري كاملة لأول مرة في تاريخه مما يعد اضافة له وللجمهور واثراء للحياة الموسيقية في مصر كما انه ساعد علي ان يتسم الحفل ببعض ميزات الحفلات الختامية من تقديم عمل ضخم يستدعي تواجد معظم عازفيه وايضاً اظهار مهاراتهم في الأداء. بلادي برنامج الحفل عبارة عن مقطوعة "بلادي" للمؤلف العالمي فردريك سميتانا "1824- 1884" والذي يعد الأب الروحي للموسيقي التشيكية وله دور كبير في اثارة الوعي القومي حيث ان اعماله تعبير عن هويتهم القومية ومن الملامح الإنسانية في حياة هذا المؤلف انه اصيب بالصمم في اواخر حياته ولكنه مثل "بيتهوفن" انتج في هذه الفترة معظم اعماله الشهيرة. و"بلادي" عبارة عن حلقة مكونة من 6 قصائد سيمفونية منفصلة متصلة تجمع بين سمات القصيد السيمفوني الذي وضع اساسه "فرانزليست" وبين مباديء النزعة القومية التي بدأت بذورها تظهر بالموسيقي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وتعد من اعمال "سيمتانا" الشهيرة وقد ألفها في الفترة من 1872 حتي 1879 وعزفت كعمل واحد في براغ عام 1882 وتم تأليفها بالترتيب التي تعزف به فتبدأ بمقطوعة فيشهرا "القلعة الشاهقة" ثم تلتها "نهر المولداو" وشاركا "محاربة من اسطورة تشيكية" والمقطوعة الرابعة بعنوان "من غابات يوهيميا وحقولها" والخامسة "طابور" وهي بلدة في جنوب يوهيميا والمقطوعة السادسة بعنوان "بلانيك" وهو اسم تل شهير من تلال يوهيميا.. ومن اشهر اجزاء هذه المقطوعة القصيد الثاني الذي يعبر عن نهر فلتافا وقد اشتهر بالاسم الالماني للنهر المولداو وتعزف بمفردها في حفلات الكونسير وسبق ان عزفها الاوركسترا المصري. اجتهاد برنامج الحفل تم تقديمه علي جزءين استمتعنا فيهما بأداء جيد للاوركسترا كما ان القائد التشيكي "بيري بتردليك" اجتهد واستطاع أن يظهر مميزاته التعبيرية والوصفية وكانت البداية مع أصوات الهارب الذي يعزف اللحن الرئيسي المكون من 4 نغمات ثم تلتقطه آلات النفخ لتؤديه معبرة عن حصانة القلعة ثم الوتريات ويكرره بعد ذلك كل آلات الاوركسترا ليصل إلي ذروة موسيقية تمهد للجزء الثاني من هذا القصيد حيث ينتقل إلي ايقاع سريع يتحول إلي مارش ثم تنتهي هذه الذروة عن طريق نغمات هابطة معبرة عن انهيار هذه القلعة وتبدأ الموسيقي في الخفوت معبرة عن جمال القلعة التي اصبحت اطلالاً والعمل مكتوب لآلتي هارب ولكن هنا كانت آلة واحدة ! وعزفت عليها مني واصف ببراعة. الجزء الثاني الشهيريتميز بألحان جميلة لتصوير رحلة نهر "المولداو" من منبعه إلي مصبه واستطاع القائد هنا ان يقدم فكر المؤلف الذي صور موسيقي هذا الجزء وكأنها لوحات من النغم باستخدام ألوان الاوركسترا البراقة الثرية وبتوزيع آلي يعبر عن مشاهد الطبيعة الخلابة حول هذا النهر.. ويمضي العمل في رحلته البديعة ونجد أن القصيد الخامس وايضا السادس تعاد فيهما الحان كل من القصيد الأول والثاني كنوع من الربط بين حلقات هذا العمل. ثراء العمل بشكل عام رحلة من المتعة الموسيقية استطاعت المجموعات الآلية المختلفة ان تعزف بمهارة مثل مجموعة الوتريات "كمان أول وثان وفيولا وتشيللو وكنترباص" ومجموعة آلات النفخ التي استمتعنا فيها باللحن الراقي الذي أدته آلتا الفلوت وبرعت فيه كعادتها ايناس عبدالدايم وتلميذتها صفاء عبدالرحيم وكذلك العزف المنفرد لعازف الكلارينت كي اون شي. كما كان هناك دور بارز لآلات الايقاع. عمل ثري يليق بختام الموسم وهدية رائعة من دولة التشيك لعشاق الموسيقي الكلاسيكية وللشعب المصري وثورته المجيدة.