الذكريات علي شط القناة مستمرة والكل يروي حكايات من زمن فات فالكل يفتح صندوقه الأسود ليقدم لنا صفحة من ذكرياته مع قناة السويس وضيفنا الكريم عرفه العالم كله ببطولته وشجاعته ذلك هو البطل محمد مهران أحد أبطال معركة 1956 يقول مهران عندما كنت أتجول علي شط القناة وأنا أعرف تاريخها وما قدمه الأجداد من تضحيات وكيف سرقت منا القناة كان الحزن يملأ قلبي ونفسي في نوفمبر 1953 تم تشكيل الأمانة العامة فدائيي الحرس الوطني وأقيم لها معسكراً ببورسعيد وتطوع عدد كبير من طوائف المجتمع البورسعيدي كنت واحداً منهم وكان المعسكر بجوار تمثال ديليسبس أمام مجري قناة السويس وكان الإنجليز مازالوا يحتلون مصر تلقينا التدريبات علي كيفية العلم الفدائي ومن حقق منا تفوقاً سافر للقاهرة للتدريب الراقي في الهرم ثم إلي فرقة القادة المتطوعين في ذلك الوقت كانت تصرفات الإنجليز وتعاملاتهم مع الناس مشينة والسكاري منهم في الشوارع وأرواح الناس مستباحة لمجرد طلقة من مسدس وكانوا يتعمدون قتل الأبرياء في الشوارع بعد ذلك تم وضع الخطط التي حمي أرواح النسا وحرمنا الإنجليز السير في الشوارع منفردين وكنا نحن عناصر الفدائيين نسير 4 أو 6 لكن بعيداً عن بعض وكنا نختبيء في أحواش المنازل لمهاجمتهم كان ذلك قبل ثورة يوليو كنا نسرق سلاح الجنود الإنجليز ونسلمه لقائد المعسكر الملازم أول حينئذ حسن عبدالحميد عبدالغني وكان لهم 3 معسكرات الأول جولف كامب والثاني النيفي هاوس القاعدة البحرية والثالث في بورفؤاد واسمه هالدي كامب. إن هجوم الفدائيين علي الإنجليز يومياً عجل بالانسحاب وتوقيع اتفاقية الجلاء 19 أكتوبر 1954 ومع بداية الخمسينيات لم يعد هناك تواجد المستعمر سوي في بورسعيد فقط وبعض نقاط في عدد من مناطق بالقناة صدرت لنا الأوامر من القاهرة باستمرار العلم ضد الاستعمار مع زيادة الضغط حتي لا يتراجع عن الاتفاقية في 18 يونيو 1956 احتفلت مصر بالجلاء ورفع الزعيم جمال عبدالناصر علم مصر علي القاعدة البحرية "النيفي هاوس" معلناً انسحاب آخر جندي بريطاني عن مصر وتم جمع الفدائيين وحضرنا الاحتفال ونزل العلم البريطاني بعد 74 سنة مزقنا العلم البريطاني ووضعناه تحت أقدامنا وأهدي اللواء عبدالفتاح فؤاد قائد قوات الحرس الوطني علم الحرس للرئيس جمال عبدالناصر وجاءت معركة بورسعيد وتوليت قيادة السرية الأولي من الكتيبة الثانية وكانت مهمتنا حماية منطقة مطار الجميل غرب بورسعيد وأغار طيران العدو علي المنطقة وأسقط المظليين وأبدناهم أنا ومجموعتي وجاء بموجة ثانية وأسروني بعد إصابتي وحاكموني عسكرياً بالمطار وسألوني كم عدد القوات هنا وما هي المعدات ومن هو القائد قلت فقط القائد هو الزعيم جمال عبدالناصر ثم أخذوني إلي قبرص وأدخلوني إحدي المستشفيات وخلعوا إحدي عيناي وساوموني علي الأخري لكنني صممت علي أقوالي فخلعوا الثانية وليس لدي من حوار سوي عاشت مصر وعاش جمال عبدالناصر وعندما عدت إلي مصر زارني الزعيم جمال عبدالناصر بالمستشفي العسكري وقال لي "أنت يا محمد مثال طيب لكل شاب مصري وأنا فخور بك".