ماذا يمثل المؤتمر الاقتصادي في ظل الظروف التي نمر بها في العديد من المجالات وماذا ننتظر منه وما هي المشروعات التي يجب أن يكون لها الأولوية في التنفيذ وهل هناك عقبات ومشاكل يمكن أن تعوق تدفق الاستثمارات وهل قانون الاستثمار الجديد يتوافق مع مطالب المستثمرين والأسباب وراء تأخر إصدار تشريعات اقتصادية أخري؟ هذه القضايا وغيرها كانت محور النقاش مع المهندس محمد المرشدي نائب رئيس اتحاد المستثمرين الذي أكد أن المؤتمر الاقتصادي يمثل بداية الانطلاقة وليس النهاية ويثبت للعالم قدرتنا علي مواجهة الإرهاب الخسيس واستكمال خارطة المستقبل نافياً أن يكون تراجع أسعار النفط سبباً في راجع الاستثمارات القادمة لمصر. قال إن الأولوية في هذه الفترة لإقامة شبكة متكاملة للبنية الأساسية وأن إقامة صناعات كثيفة العمالة في هذه الظروف غير مجد وأن مشوار القضاء علي البطالة يبدأ من انطلاق قناة السويس الجديدة. أوضح أن مصر المستقرة سياسياً واقتصادياً أكبر داعم لدول الخليج وأن الشباك الواحد ولجان فض المنازعات أهم الإيجابيات في قانون الاستثمار وأن المافيا وراء تأخر إصدار تشريعات الجمارك الجديدة مطالباً بأن يقتصر دعم الصادرات علي المنتج الوطني فقط. * كيف تنظر للمؤتمر الاقتصادي الذي تستضيفه مصر خاصة مع وقوع بعض الأعمال الإرهابية وتأجيل الانتخابات البرلمانية؟ ** أعتقد أن توقيت انعقاد المؤتمر جاء في وقت مثالي من وجهة نظري وسنجني من وراءه العديد من المكاسب علي كافة المستويات وإن كان أهم المكاسب أنه حتي في ظل بعض الأعمال الإرهابية الخسيسة والصغيرة في نفس الوقت إلا أنه يمثل رسالة طمأنة للجميع سواء داخل أو خارج مصر بأنها قادرة علي تأمين أهلها ومؤتمر ضخم بهذا الحجم الذي سوف يتجاوز فيه عدد الحضور 60 دولة و3000 مدعو من كبار الشخصيات الاقتصادية في العالم وهو دليل دامغ علي استقرار الأمن في مصر رغم ما يروجه البعض عكس ذلك.. وأيضاً تأجيل انتخابات البرلمان ليس عيباً بل هو دليل علي احترام مؤسسة الرئاسة لأحكام القضاء وأنه لا صوت يعلو صوته كما أن التأجيل لن يضر بخطوات وتوقيتات خارطة المستقبل بل هو نفس الإطار المرسوم لها باختصار المؤتمر رسالة لكل المستثمرين والمعنيين بأن مصر مستقرة سياسياً وأمنياً وأن كل الظروف مهيأة لانطلاق عجلة الاقتصاد وزيادة الإنتاج وإذا حققنا هذا الهدف فقط من المؤتمر فهو يكفي لأن انعقاده يمثل احتفالية كبري باستقرار مصر وبداية إشعال شعلة الماراثون الطويل الذي سوف نقطعه من أجل تحقيق التنمية الشاملة. فوائض ضخمة * لكن البعض يري أن تدني أسعار البترول وخسائر الخليج من جراء ذلك يمكن أن ينعكس سلباً علي حجم الاستثمارات التي يمكن ضخها بعد المؤتمر فهل أنت مع ذلك؟ ** لست مع هذا الرأي لسبب بسيط وهو أن انخفاض أسعار البترول يمكن أن يؤثر علي اقتصاديات وميزانيات الدول والحكومات الخليجية التي تأثرت بشكل أو بآخر رغم وجود فوائض ضخمة لديها لكن يبقي أن هذا الانخفاض لن يمس المستثمرين في دول الخليج لأنهم كيانات مستقلة عن الحكومات ويمتلكون رءوساً واستثمارات مالية ضخمة ومشروعات ناجحة كثيرة ومجالات عمل الكثيرين منهم بعيدة عن العمل في مجال البترول وهناك أمثلة كثيرة علي ذلك مثل رجل الأعمال الشيخ صالح كامل لن يتأثر بانخفاض أسعار البترول وغيره الكثيرين والعلاقة الوحيدة التي يمكن أن تنتج عن تدني أسعار البترول هو حدوث بعض الانكماش الاقتصادي لكن داخل الدول المنتجة وليس للاستثمارات التي يمكن أن تأتي لمصر. * وهل أنتم كاتحاد مستثمرين وجمعيات رجال الأعمال الأخري لديكم دراسات لمشروعات يمكن أن تطرحوها علي المؤتمر؟ ** في التجمعات واللقاءات العادية نحاول أن تكون لنا كجمعيات رجال أعمال ومستثمرين رؤية مشتركة ولكن في هذا المؤتمر بالذات الوضع مختلف فالمشروعات التي سيتم طرحها بدء الترويج لها منذ فترة طويلة من خلال قيام أعضاء من الحكومة بالتسويق لها في العديد من الدول الأوروبية والمنطقة العربية وتحديداً الخليج ولقيت علي قدر معلوماتي جانباً كبيراً من التأييد والرغبة في دعمها والمشاركة فيها وهو ما يعني أن المؤتمر نجح قبل أن يبدأ ودليل أيضاً علي أن الإعداد له تم علي أفضل صورة من خلال إسناد التسويق له ولمشروعاته إلي شركة عالمية متخصصة نجحت في توصيل الرسالة إلي الطرف الآخر المطلوب اجتذابه إلي مصر ويجب ألا ننسي هنا أن حجم المشروعات التي ستطرح ضخمة وتكلفتها عالية جداً ومعظمها في مجال البنية التحتية ومن ثم فالأفضل أن يتولي إقامتها سواء بصورة منفردة أو بالمشاركة بين الحكومة وشركات عالمية أجنبية أو عربية أو بيوت تمويل دولية وتحقيق ذلك هو الذي يجعل المؤتمر يأتي بثماره المرجوة ويكون بمثابة احتفالية ضخمة يتم فيها تدشين العديد من المشروعات الكبري والعملاقة. دراسات وأبحاث * ما هي المشروعات التي يجب أن تكون لها الأولوية في الطرح أمام المؤتمر؟ ** هذا الأمر بالتأكيد خضع لدراسات وأبحاث عديدة والأولوية يجب أن تكون لإنشاء شبكة طرق متكاملة ومحطات مياه وكهرباء خاصة من الطاقة النووية لأن استخدام الوسائل التقليدية من غاز وبترول لم يعد مجدياً ولا يمكن أن يلبي احتياجاتنا المتنامية من الطاقة فالمطلوب أن تشهد المرحلة القادمة إقامة البنية التحية اللازمة لقيام الصناعة ومن ثَمَ زيادة حجم الإنتاج والتجارة وحدوث رواج وهو ماسوف ننجح بإذن الله في تحقيقه لأن كل الظروف مهيأة لنجاح المؤتمر فأي نجاح في المجال الاقتصادي مرهون أولاً ببنية تشريعية وبنية تحتية يشكلان معاً البيئة الحاضنة للاستثمار وهو ما يعني في نفس الوقت ثقة غير محدودة في الاقتصاد المصري ويعيد الطمأنينة فيه لدي المستثمرين العرب والأجانب. الهرم المقلوب * لكن البعض كان يفضل أن يتم طرح مشروعات كثيفة العمالة لاستيعاب جانب كبير من نسب البطالة المتزايدة لدينا فما رأيك؟ ** هذا الرأي جانبه الصواب لأنه يجعلنا نسير بطريقة الهرم المقلوب أو أننا نضع العربة أمام الحصان فلكي أقيم مشروعات كثيفة العمالة لابد أولاً أن نعيد ترتيب البيت من الداخل بإقامة البنية الأساسية اللازمة لإقامة المشروعات بمختلف أنواعها فليس منطقياً ألا يكون لدينا مصادر كافية من الطاقة والمياه والطرق وأقيم مصانع عملاقة لأنه في هذه الحالة لن تجد ما تعمل به فأولاً نقيم مشروعات البنية الأساسية ثم أبدأ في الدخول علي المشروعات الإنتاجية التي سيأتي بالتأكيد وقتها. بداية الطريق * وهل تعتقد أن فترة ما بعد المؤتمر إذا نجحنا في إقامة البنية الأساسية المطلوبة ستشهد إقامة هذه النوعية من المشروعات المولدة لفرص العمل؟ ** لا شك.. نعم ونحن بالفعل من الآن بدأنا الطريق في هذا المجال فلا ننسي أن لدينا مخططاً للسياحة وآخر للتنمية الزراعية واستصلاح المليون فدان كمرحلة أولي فهذه المجالات قادرة علي استيعاب الآلاف من الأيدي العاملة بجانب شركات المقاولات وقطاع التشييد الذي سوف يتولي إقامة البنية التحتية وهناك مشروع قناة السويس الجديدة الذي سيتم افتتاحه في أغسطس القادم وما يتبعه من تنمية المنطقة المحيطة بالقناة الجديدة والتي ستشهد إعادة تخطيط للمنطقة في جميع المجالات وإقامة 6 أنفاق لربط الشرق بالغرب حتي تتمكن من تنفيذ المخطط له بإقامة مناطق خدمات لوجستية ومشروعات تكون منتجاتها أو مخرجاتها قابلة للتصدير السريع فكل هذه المشروعات مجتمعة هي السبيل لتوفير فرص عمل جديدة للحد من البطالة التي لا ننكر آثارها السلبية علي جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية. دور البنوك * وهل البنوك القائمة لديها الفرصة علي تمويل المشروعات الضخمة التي تنتج عن المؤتمر؟ ** يجب هنا أن نفرق بين أمرين الأول يتعلق بالمشروعات التي يقيمها أو يشرك فيها أجانب أو عرب فليس مطلوباً من بنوكنا المشاركة أو ضخ أموال إلي هذه المشروعات لأن هذا يعني عدم جذب استثمارات خارجية جديدة فالمطلوب أن يأتي المستثمر ومعه أمواله واستثماراته وليس استخدام أموال البنوك الوطنية. أما الأمر الثاني وهو المستثمر المصري أو الوطني فالبنوك من واجبها دعمه ومساندته في ضخ المزيد من الاستثمارات وهي بالفعل تستطيع أن تلعب دوراً هاماً في تمويل العديد من المشروعات خاصة أن لديها فوائض ضخمة غير مستثمرة بشكل جيد في الوقت الحالي بسبب حالة الانكماش الاقتصادي الذي نعيشه حالياً والذي سيتغير مع زيادة معدلات التنمية إذا نجحنا في تنفيذ ما تم التخطيط له. إصلاح الثغرات * أعلنت الحكومة اعتزامها إصلاح ثغرات المجال الاقتصادي فهل هذا من أجل طمأنة المستثمر الأجنبي فقط أم أن هناك حقيقية في إصلاح المناخ الاستثماري؟ ** إصلاح الثغرات الاقتصادية يصب في المجالين معاً فهو يساهم في إعادة الثقة في الاقتصاد المصري من جانب المستثمرين الأجانب وسيكون فرصة في نفس الوقت لإصلاح المناخ الاستثماري في فرصة لن تتكرر كثيراً بحسن استثمار المساندة العربية القوية لمصر والتي بدأها الملك الراحل عبدالله العاهل السعودي وقيادات دولة الإمارات وكانت الفكرة في البداية إقامة مؤتمر للدول المانحة لمصر ثم تبلورت الفكرة إلي مؤتمر اقتصادي دولي ولا يجب هنا أن ننسي أن هذا الدعم العربي الخليجي يأتي عن قناعة بأهمية تنمية مصر اقتصادياً يمثل في نفس الوقت استقراراً لمنطقة الخليج والمنطقة العربية واضعين في الحسبان أن استقرار الأوضاع في مصر من الناحية الاقتصادية والعسكرية يمثل خط الدفاع الأول عن أمن الخليج وهو ما يعني أن لغة المصالح هي العنصر الحاكم في دعم مصر بجانب عوامل الأخوة التي تربطنا بالأمة العربية جميعاً. إيجابيات قانون الاسثتمار * بمناسبة الحديث عن المناخ الاقتصادي الجيد كيف تري قانون الاستثمار الجديد؟ * وما هي تحديداً أهم النقاط الإيجابية في قانون الاستثمار؟ ** أهم النقاط في رأيي أنها قضت علي الروتين والبيروقراطية ففي الماضي كان المستثمر لكي يبدأ في إقامة مشروعه عليه الذهاب إلي 76 جهة مختلفة في العديد من الوزارات وجاء القانون ليجمع التعاملات في مكان واحد يمتلك كافة الصلاحيات القانونية من تخصيص الأرض وإصدار رخصتي البناء والتشغيل وجميع الاشتراطات المطلوبة . أيضاً أعطي القانون فترة معينة للجهة الإدارية كمهلة زمنية للرد علي المستثمر خلالها وإذا لم يتحقق ذلك يعتبر القانون أن ذلك موافقة ضمنية علي المشروع .. كذلك نص القانون علي إنشاء لجان فض المنازعات لحل المشاكل التي تقع بين المستثمرين والجهات الحكومية والوزارات النشاط الصناعي وقوانين الضرائب * وهل القوانين المنظمة للنشاط الصناعي تحتاج هي الأخري إلي إعادة نظر؟ * ليس إعادة نظر فقط ولكن إلي نفسها قانون الصناعة والقوانين المتعلقة بالاستيراد والتجارة قديمة جداً ومر عليها عشرات السنين ولم تعد صالحة للمستجدات التي نعيشها من حولنا خاصة أننا نحتاج إلي إعادة تنظيم العديد من المجالات مثل نظام الأفراج المؤقت والإفراج بنظام المناطق الحرة والنظام القطعي.. كذلك نظام دعم الصادرات يحتاج تغييراً جذرياً فليس منطقياً أن يظل الوضع الحالي من دعم صادرات تستخدم خامات من الخارج فهذا الدعم يجب أن يوجه أساساً إلي المصدرين الذين ينتجون في مصر نجاحات مصرية 100% وليس دعم المنتج الأجنبي. * وماذا عن قوانين الضرائب والجمارك؟ ** نفس الأمر ينطبق عليهما وعلي حد علمي قام وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك بإعداد قانون جيد للجمارك وتحقيق العدالة لجميع الأطراف ويقضي علي المشاكل والفساد الذي عانينا منه لفترات طويلة وهو ما يجعلني أتعجب لماذا يصدر حتي الآن رغم الحاجة الشديدة له إذا كنا جادين في الإصلاح ولكن يبدو أن ما نطلق عليه المافيا وأصحاب المصالح الخاصة من رجال الأعمال مازالت لديهم القدرة في التأثير علي الوزراء والمسئولين الكبار لمنع صدور قوانين تحقق الصالح العام لصالح فئات محدودة.