منذ ان فتح عيناه علي الدنيا وعرف شماله من يمينه علم "سمير" أنه يحمل تركة ثقيلة فقد مات والده وترك ثمانية من الأبناء أربعة من الذكور ومثلهم من الإناث.. كان سمير أكبرهم لذلك كلفته أمه بالعمل حتي ينفق علي أشقائه الصغار الذين لا مورد لهم سوي معاش والدهم القليل. بدأ سمير رحلة كفاحه بالعمل موظفاً في وزارة الزراعة وبعد انتهاء العمل الحكومي كان يعمل في أحد محلات البقالة رغبة منه في زيادة دخله والإنفاق علي أشقائه.. وبعد عشر سنوات كاملة من العمل والكفاح تزوج سمير من إحدي قريباته بعد ان اطمأن علي أشقائه. كان بيت العائلة يتألف من طابقين الأول يعيش فيه سمير وزوجته وأمه والثاني لأشقائه الثلاثة عادل ومحيي وطارق أما البنات فقد تزوجن جميعاً بعد ان كافح سمير وواصل الليل بالنهار للإنفاق عليهن وتجهيزهن للزواج. وكانت علاقة سمير بأشقائه مثالية فالجميع يحبه ويعرف له تضحيته من أجلهم ما عدا شقيقه الأصغر طارق الذي نشأ مدللاً جاحداً يأخذ ما يريد ولا يعترف بالجميل أبداً وذلك بسبب اسراف والدته في تدليله وإيثاره علي جميع أشقائه بمن فيهم سمير. بعد زواجه بعامين رزق سمير بمولودة جميلة سماها سميرة ثم رزق بمختار وأخيراً ناهد. كان سمير باراً بأمه يحبها كثيراً ويحنو عليها ويؤثرها علي نفسه في كل المواقف وبادلته أمه حباً بحب وان كانت تميل كثيراً إلي ابنها الصغير طارق الذي مات والده وعمره عامين وكان حب الأم لطارق سبباً في تحوله إلي شخص متكبر لا يحترم أشقاءه ويشعر أنه أفضل من الجميع. مرت الأيام وماتت الأم التي كانت رمانة الميزان وحجر الأساس للمنزل وبعد موتها مباشرة بدأ الصراع علي نصيب كل فرد في المنزل خاصة ان البيت مساحته كبيرة تزيد علي 600 متر في منطقة من أفضل مناطق القرية والتي تطل علي الطريق الرئيسي مباشرة. بعد وفاة والدته بأيام قليلة بدأ أشقاء سمير صراعاً محموماً علي نصيب كل منهم في البيت وتنازع الأشقاء من أجل الاستئثار بالطابق الأول الذي يعيش فيه سمير وكان السبب في ذلك أن شقة سمير هي أفضل شقة في البيت حيث قام سمير بتجهيزها أفضل تجهيز. في أول جلسة للورثة معاً أخبر سمير أشقاءه وشقيقاته أنه لا يطمع في شيء وأنه يكتفي بالشقة التي يعيش فيها مع زوجته وأولاده أما باقي المساحة بالطابق الأول والطابق الثاني بأكمله فهي من نصيبهم واقترح عليهم أسلوباً عادلاً لقسمة المساحة بينهم ثم أخبرهم كذلك بأن والدته قد تنازلت له عن حقها لأنه أنفق الكثير علي العائلة دون ان يأخذ شيئاً في المقابل. لاقي كلام سمير ردود فعل متباينة بين أفراد عائلته حيث أيدته الشقيقات بينما اعترض الأشقاء الثلاثة علي ما قيل واتهموا شقيقهم الأكبر بأنه طماع وأناني وكان الشقيق الأصغر طارق أشدهم معارضة ووصل في معارضته لشقيقه الأكبر ان هدده بتقطيع ورقة التنازل التي كتبتها أمه وانتهي الاجتماع بخصام بين الأشقاء والشقيقات. بعد عدة أيام بدأ طارق في مضايقة سمير واستمر في تهديده ومضايقته هو وأفراد أسرته حتي كان يوم لن ينساه سمير ما بقي له من عمره كان سمير قد خرج هو وزوجته وأبناؤه الثلاثة للنزهة وعندما عاد في نهاية اليوم وجد شقيقه طارق قد تعدي علي شقته وكسر بابها وأخرج بعض أثاثها وبعثره في مدخل البيت ثار سمير علي شقيقه لكن طارق اشتبك معه وحاول ضربه تدخل الشقيقان عادل ومحيي للفصل بينهما لكن طارق دخل شقته بسرعة وفوجئ به الجميع يخرج حاملاً سكيناً كبيرة ليضرب بها شقيقه الأكبر وعندما حاول محيي منعه تلقي طعنة نافذة أنهت حياته علي الفور. منذ هذه اللحظة الكئيبة أيقن سمير وكل أشقائه ان الميراث الحقيقي هو الحب وصلة الرحم أما ما تركه لهم أبوهم من الأرض فهو ميراث الندامة.